توفي مساء الخميس 3 أوت، الكاتب والصحفي الفرنسي جيل بيرو، وصاحب كتاب “صديقنا الملك” الذي فضح فيه بشاعة نظام الملك المغاربي الراحل الحسن الثاني.
ووفقًا لما قاله أحد أقرباء الكاتب لصحيفة لوموند فقد توفي الكاتب في منزله في سانت ماري دو مونت، غرب فرنسا، عن عمر يناهز 92 عامًا.
بدأ جاك بيرو حياته المهنية كمحام ، قبل أن يتفرع إلى الصحافة ثم الأدب. وفي عام 1969 وقع على رواية “الملف 52″، من جنس آدب الجاسوسية، خققت له أول نجاحاته وتم اقتباسها في عمل سينمائي ناجح.
وفي عام 1978 ، نشر الكتاب الاستقصائي Le Pull-Over rouge ، الذي يثير الشكوك حول التهمة التي أدين بسببها كريستيان رانوتشي ، وحُكم عليه بالإعدام قبل عامين بتهمة قتل فتاة صغيرة ، لكن تحقيق بيرو سوف يثير شكوكا حول الإدانة ويؤدي إلى إثارة جدل حاد وواسع داخل فرنسا بحيث ارتفعت العديد من الأصوات تطالب بمراجعة المحاكمة رغم تنفيذ عقوبة الإعدام في المتهم المفترض، وبالرغم من أن مراجعة المحاكمة لم تتحقق أبدًا، إلا أن النقاش أدى في نهاية المطاف إلى إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا عام 1981.
وقد اشتهر جيل بيرو بكتابه المثير للجدل “صديقنا الملك” الصادر عام 1990، الذي أثار ضجة مدوية في فرنسا والعالم العربي، وفيه قدم تقييمًا قاسيا لمدة 30 عامًا من حكم الحسن الثاني، وكشف فيه عن الوجه البشع للملك الراحل ولأسرار حدائقه الخلفية.
ويعود الفضل لجيل بيرو وكتابه “صديقنا الملك”، في إلقاء الضوء على قمع المعارضين إبان “سنوات الجمر والرصاص” في المغرب، وفي فضح المعتقلات السرية في تازمامارت وأكدز وقلعة مكونة، وفي فضح ما تعرض له هؤلاء المختطفون والمختطفات من أصناف التعذيب التي لا يمكن تصورها، وقد أثار الكتاب إبان صدوره واحدة من أكثر الأزمات خطورة في تاريخ العلاقات الفرنسية المغربية.
وكان جيل بيرول قد قام بكتابة تقديم كتاب “محمد السادس خلف الأقنعة” للكابت والصحفي المغربي عمر بروكسي الذي يعرض فيه حصيلة قاسية جدا للسنوات الـ15 الأولى من حكم الملك محمد السادس، الذي اعتلى العرش في 1999.
وكتب جيل بيرو، في مقدمة ذلك الكتاب أن “القارئ قليل الإلمام بالوقائع المغربية، سيكتشف فيه بذهول أن السلطة تتركز أكثر من أي وقت مضى في القصر الملكي، بين يدي الملك ونحو عشرة من أصدقائه، إلى درجة أن الموظفين الكبار والوزراء أنفسهم يتقلص دورهم إلى مجرد أشخاص ثانويين”.
عام 2004 أجرى الصحفي اللبناني سامي كليب حوارا مصورا مع جيل بيرو، ضمن برنامجه الناجح “زيارة خاصة” الذي كانت تبثه قناة الجزيرة، وفي هذا الحوار يعود بيرو إلى السياف الذي كتب فيه “صديقنا الملك”، وردود الفعل التي أثارها داخل المغرب وفرنسا، ويكشف فيه عن خلفية كتابته هذا الكتاب ومصادره، وفيما يلي الجزء من الجوار الخاص بكتاب “صديقنا الملك”.
جيل بيرو: لماذا كتبت هذا الكتاب؟ الكتاب هو من طلب مني أن أكتبه أنا لا أجلس على الكرسي أتساءل عما سأكتبه، هنالك كتب تفرض نفسها عليك تماما كالكوارث وكنت أعرف المغرب منذ زمن بعيد حتى منذ زمن الوصاية الفرنسية عليها قبل الاستقلال.
ـ هل تعرفت على الحسن الثاني شخصيا؟
جيل بيرو: أبدا، وصلتني رسالة ذات يوم إلى هنا إلى هذا المنزل الهادئ كانت رسالة من رجل مغربي كان قد أنهى قراءة كتاب الأوركسترا الحمراء، فكتبت له رسالة أجيبه على رسالته، فكتب لي مجددا رسالة طويلة وأجبته مجددا، فكتب لي رسالة ثالثة وفي رسائله كان هناك تأريخ وإلى جانبه (PC Quintera) فقلت لنفسي لابد أن يكون هذا جنديا شابا يؤدي خدمة العَلَم أو أنه ضابط شاب في (PC Quintera) أي في مركز قيادة قنيطرة، فكتبت له رسالتي الثالثة وسألته عما يفعله في مركز قيادة قنيطرة؟ فأجابني (PC Quintera) لا تعني مركز قيادة قنيطرة بل سجن قنيطرة المركزي وقال لقد حُكِم علي بالسجن لعشرين عاما بتهمة توزيع المنشورات ونشاطات سياسية، كان ينتمي إلى حزب إبراهام سرفاتي وقد أثّر بي ذلك كثيرا، أتْعّلم عندما تعيش هنا في جو هادئ في قرية في نورماندي وتعلم بأنه قد حكم على شاب صغير في السن بالسجن لعشرين سنة لمزاولته نشاطا عاديا فكل ما فعله في نهاية المطاف هو توزيع المنشورات في بلد ديمقراطي كما تَدعِي المغرب فهذا يؤثر بك، اتجه تفكيري نحو أولادي وهم تقريبا في سنه الذين هم أيضا كانوا مناضلين ووزعوا منشورات لكن لم يُحكم عليهم بالسجن لعشرين سنة لحسن الحظ، فقررت أن أؤلف كتابا يظهر الوجه الخفي لمملكة الحسن الثاني، فقد كان هناك الوجه الظاهر، الوجه الذي يُظهِر المغرب كعضو في نادي البحر الأبيض المتوسط ويظهر المناسبات الثقافية والفانتازيا، لكن هناك أيضا الوجه الخفي.
ـ والتي أعجبت كثيرا النخبة الفرنسية في مرحلة معينة.
جيل بيرو: في كل عطلة رأس سنة وفي أعياد الميلاد والأعياد الوطنية تعلم أن النخبة السياسية سواء من اليسار أو اليمين كانت تجتمع في أحد فنادق مراكش الفخمة تلبية لدعوة من الملك الحسن الثاني في تلك الفترة، أعتقد بأن الكاتب يستطيع كتابة أشياء مختلفة فقد يكتب قصة حبه الأولى أو أي شيء آخر لديه الحرية المطلقة، لكن يمكن أيضا للكاتب أن يكون مفيدا بما أنه يتمتع بالقدرة على الكتابة ويمكن لكتبه أن تُنشَّر وأن تُقرأ.
ـ على كل حال أنت استخدمت عبارات كثيرة وقاسية ضد الملك الحسن الثاني في هذا الكتاب، ويمكن أن نقرأ مثلا كيف وصفته قلت إنه يسيطر على الجميع وعلى كل شخص، وهو يكسر الناس عبر القوة والقمع، وأنه أفسد المملكة بالفساد وأيضا بتزوير الانتخابات ودفع الناس للانحناء من الخوف أكثر مما من الاحترام، هل هذه هي الصورة التي أخذتها أو اكتشفتها عن الملك الحسن الثاني فعلا في خلال تحقيقك؟
جيل بيرو: لم تقتصر صفات الحسن الثاني على ما ذكرته لك فقط، بل كانت هذه بعضا من صفاته، لقد ساد المملكة عن طريق الرعب والفساد والخطأ، وقد كان ذلك تصرف غير مقبول خاصة وأن المغرب كان ناضجا كي يتعامل مع الديمقراطية، كان يمكن للديمقراطية أن تنجح في المغرب كثيرا فقد كان في المغرب طبقة سياسية ذات نوعية يندر وجودها في أي مكان آخر، ويتبادر إلى الذهن مثلا بن بركة الذي عمل الملك على اغتياله، كان هناك طبقة سياسية جاهزة لتولي زمام الأمور وفي ظروف جيدة لكن الحسن الثاني قضى على هذه النخبة السياسية وأرجو أن تفهم أنه عندما أقول نخبة سياسية فإنما أقصد أناسا أذكياء ومدربين ومثقفين كانوا جاهزين فعلا بعد الاستقلال لتأسيس مغرب ديمقراطي، لكن لا لم يقبل الحسن الثاني بذلك لا بل فرض على المغرب حكما ديكتاتوريا فهو في الحقيقة كان ديكتاتورا فرض حكما ديكتاتوريا وحشيا لم تلتئم الجروح التي تسبب بها بعد.
ـ لكنك تحدثت عن انقلابين أي محاولتي انقلاب على يد الجيش، لماذا حاول الضباط القيام بالانقلاب؟
جيل بيرو: لأنهم كانوا قد سئموا من الفساد الذي كان سائدا في قمة هرم الدولة وفي تلك المملكة، أوفقير لم يكن رجلا يحب جمع المال كان بالتأكيد رجلا طموحا لكنه لم يكن رجلا يهوى المال، قام بقمع المحاولة الانقلابية الأولى وكان منفذ المحاولة الثانية، يمكن أن أقارن بين هؤلاء الضباط والضباط المصريين الذين أنهوا الحكم الملكي الفاسد للملك فاروق، بالطبع تذكر فاروق لقد أستلم الكولونيل نجيب وجمال عبد الناصر السلطة كي يقضوا على هذا الفساد إذاً يمكنني القول إن حماية وتنظيم الملك الحسن الثاني للفساد الذي أوجده هو ما دفع هؤلاء الضباط للقيام بمحاولتي الانقلاب، أما التهديد الإسلامي فلم يكن موجودا في أيام الحسن الثاني لقد استخدم ذريعتين، أولا قال أنا حصنكم ضد الشيوعية، فمن وجهة النظر الغربية لم تكن الجزائر آمنة كالمغرب الذي أصبح كالحصن الأخير ضد الشيوعية، وبعد ذلك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي قال أنا الحصن ضد الإسلام المتطرف لكن هذه مجرد ذرائع فالشيوعية لم تهدد المغرب أبدا كما أن المغرب لم يكن تحت تهديد الإسلاميين، لكنه الآن أصبح كذلك بالطبع ذلك أن الإسلام هو الملجأ الأخير، إذاً لم يعد هناك من أحزاب يسار في المغرب لقد دمرها الملك وحلها تماما، المعارضة الوحيدة للسلطة اليوم تأتي من الإسلاميين وهم يتمتعون بمحبة الشعب لماذا؟ لأنهم يحاولون النضال ضد الفقر ويؤسسون جمعيات خيرية وهم يتمتعون بشعبية كبيرة بين المواطنين، فالحسن الثاني يشكل لغزا بالنسبة إليّ وحتى الآن، لقد تكلمت مع العديد من الناس عنه لكن ليس من محيطه المباشر وأنت محق في هذه النقطة وحتى لو حاولت التكلم معهم ما كانوا ليقبلوا ذلك على أية حال.
ـ هل حاولت؟
جيل بيرو: بصراحة لا لقد كان ذلك تحقيقا صعبا جدا فنظراً للقمع الذي كان يُمارَّس في المغرب كان علي اتخاذ احتياطات مشددة كي أحصل على شهادات الرجال والنساء من المغاربة الذين رغبت في استجوابهم.
ـ هل علموا بإعدادك للكتاب آنذاك؟
جيل بيرو: لا لقد كان ظهور الكتاب مفاجئاً بالكامل بالنسبة للسلطات المغربية والملك وهذا من حسن حظي فلو علموا لكانوا فعلوا كل ما في وسعهم كي يمنعوا صدوره بكل تأكيد.
ـ حين تروي في كتابك أشياء كثيرة عن غِنى الملك عن قصوره عن الحنفيات المصنوعة من الذهب عن نسائه.. لابد وأن أحدا من الداخل أخبرك بكل ذلك وإلا كيف حصلت على المعلومات؟
جيل بيرو: من خلال مصمم الديكور الذي صمم قصر الملك مثلا كان لدي مخططات قصر الملك وكان فيها وصفا دقيقا، لذلك كان باستطاعتي الارتكاز على وثائق موثوقة، وهذا جزء من التحقيق بالتأكيد على كل حال لم يستطيعوا أن يمسكوا علي تفصيلا مهما في تلك النقطة، وكما تعلم عندما تهاجم ملك المغرب فمن الأفضل لك أن ترتكز على قواعد متينة.
ـ حتى في فرنسا؟
جيل بيرو: نعم بالتأكيد.
ـ لماذا هل تعرضت لضغوطات؟
جيل بيرو: نعم لقد تعرضت لضغوط شديدة فقد أشعل هذا الكتاب أزمة سياسية بين فرنسا والمغرب، كان مقررا أن يتم الاحتفال بالسنة المغربية في فرنسا وقد تم إلغاء ذلك المهرجان بعد أن أعرب ملك المغرب عن استيائه البالغ وبالتالي لم تكن السلطات الفرنسية راضية عن ذلك أيضا بعد صدور هذا الكتاب.
ـ بعد خروج الكتاب هل تعرضت لتهديدات من قِبَّل المغاربة؟
جيل بيرو: أعلمتني الشرطة الفرنسية أنه قد تم وضع جائزة لمن يقتلني وأنه علي اتخاذ احتياطاتي، لكن كما تعلم بما أنني أعيش هنا في قرية صغيرة فإنني نوعا ما أشعر بالأمان بين جيراني فكل من قد يأتي تدفعه نوايا سيئة تتم ملاحظته مباشرة، ولكي تغتال أحدهم عليك أن تتعرف إلى المكان وتدرس عاداته وأعتقد بأن ذلك سيكون صعبا هنا، حسنا لم يكن الأمر مأساويا لهذه الدرجة وتأليف كتاب في فرنسا وإن كان مزعجا لا يؤدي إلى نتائج مأساوية والدليل أنني هنا جالس أمامك اليوم.
ـ نجوت من كل محاولات الاغتيال التي تعرضت لها، ولا يزال على قيد الحياة خلافا للجنرال محمد أوفقير الذي خصصت له في كتابك قسما كبيرا، وتروي فيه أن أوفقير الذي كان بمثابة ظل الملك على الأرض والرجل الأمني الأول في المملكة، وأنه كان أيضا مرتبطا بإسرائيل بينما كانت المملكة تعيش ولا تزال على تناقض المصالح بين فرنسا وأجهزة الاستخبارات الأميركية (CIA) كيف تشرح لنا ذلك؟
جيل بيرو: من دون شك هناك لعبة مزدوجة أو حتى ثلاثية وهي لعبة ظلت غامضة فأنا لا أعرف خفايا الأمور على أية حال، المؤكد هو أن فرنسا ظلت حامية المغرب الأولى حتى بعد الاستقلال لقد كان هناك الكثير من التبادل العسكري كما ذهب العديد من المعلمين الفرنسيين إلى المغرب وأن ذلك كان قيما جدا بالنسبة للسلطات المغربية لا بل مؤثرا أحيانا ومن المؤكد أيضا أن الحسن الثاني وبأسلوب حاذق لم يتوقف عن ابتزاز فرنسا بقوله للفرنسيين أنا لست بحاجة لكم فهناك الأميركيون الذين لا ينتظرون سوى إشارة كي يحلوا محلكم وكذلك الإسرائيليين، والحقيقة هي أنه كانت هناك علاقات وثيقة بين الحسن الثاني والإسرائيليين عن طريق أوفقير.
ـ لماذا كانت تلك العلاقة قائمة بين الجنرال محمد أوفقير الذي كان أحد أبرز رجال الأمن إلى جانب الحسن الثاني وإسرائيل؟
جيل بيرو: بكل صراحة لا أدري، يعتبر وجود الأجهزة الإسرائيلية في المغرب شيء مُعترَّف به وكذلك تورط تلك الأجهزة في عمليات كعملية اغتيال بن بركة على سبيل المثال، حيث شارك الموساد في قتل بن بركة لا أعني في التصفية الجسدية لكن أقصد هنا في التحضيرات لتلك العملية في المشاركة في عملية الإعدام والاختطاف، لا أستطيع أن أفهم أيضا كيف سمح الملك الحسن الثاني لليهود المغاربة بالمغادرة بشكل جماعي إلى إسرائيل ودعمه لهم ماليا كذلك، أقول لك إن هناك رابط قوي بلا شك وغامض جدا بالنسبة لي بين إسرائيل والمغرب لا أحد يستطيع أن يفسر ذلك الأمر.
ـ ذكرت بن بركة طبعا للجيل الجديد لابد وأن نشرح أنه كان أبرز رجال المغرب آنذاك وكان المنافس الأول إذا صح التعبير للملك الحسن الثاني وهو خُطِف واغتيل على الأراضي الفرنسية، حتى الآن لا نعرف هناك تحقيقات كثيرة لا تزال تقوم حول تلك الحادثة وتجري وأنت في كتابك ذكرت عدة طروحات حول كيفية اغتيال أو أسباب اغتيال أو من اغتال المهدي بن بركة، ماذا اكتشفت؟ من الذي قتله خصوصا أن جزءاً من المغاربة يعتقد أن أوفقير نفسه -الجنرال الكبير آنذاك- هو الذي دبر القضية وهو الذي جاء للإشراف على اغتياله في فرنسا؟
جيل بيرو: بالتأكيد نحن لا نعرف الحقيقة مع كل الأدلة بالكامل، لكن هناك عدة أشياء أكيدة أولها أن أوفقير كان متورطا بهذا الاختطاف وأنه من المرجح أن يكون مَن قتل بن بركة، وهنا يجب أن نقول إن أوفقير ما كان ليفعل شيئا بهذه الخطورة أعني أن قتل زعيم المعارضة هو أمر خطر من دون موافقة الملك ومن دون أمره، ومن هنا فإنه مهما كانت الشكوك وعلامات الاستفهام القائمة حول تفاصيل الأمر برمته من اختطاف وإعدام فإن أمرا واحدا مؤكد ألا وهو أنها كانت جريمة نفذتها الدولة المغربية بأمر أو على الأقل تحت غطاء الحسن الثاني ونفذها أوفقير، قد لا يكون من أعدمه بنفسه لكنها تبقى جريمة دولة، وهنا كان رد الجنرال ديغول قويا فقد كان يعرف أنها لم تكن مجرد قضية تصفية حسابات سياسية بسيطة بل جريمة دولة، وقد شاب علاقته مع المغرب توتر حاد لفترة طويلة من الزمن، لم يغفر ديغول للحسن الثاني اغتياله لبن بركة لقد كان يُكن لهذا الرجل تقديرا كبيرا وهو لم يغفر للحسن الثاني هذه القضية.
ـ على كل حال شارل ديغول كان ينتظره.. كان ينتظر بن بركة للقائه في اليوم التالي يعني عشية اللقاء اغتيل بن بركة.
جيل بيرو: تمام لقد كان موعدا رتبه أصدقاء كوريل فقد كان بن بركة رفيقا وصديقا لكوريل، وكان يُفترَّض بديغول الذي سبق له اللقاء ببن بركة أن يلقاه في اليوم التالي، أي في اليوم التالي لاختطافه لذلك فقد أعتبر ديغول أن اختطاف رجل دعاه إلى الإليزيه للتباحث معه اعتبرها إهانة كبيرة، وخاصة أن بن بركة كان رجلا له وزن كبير في العالم، كان يُنظَّر إليه في العالم العربي كله كرجل له أهميته كان أحد الوجوه البارزة حتى على المستوى العالمي هذا هو الرجل الذي تم اغتياله وقد كان خسارة كبيرة بالنسبة للمغرب.
ـ في كتابك حين تتحدث عن الملك الحسن الثاني.. في الواقع هناك مقطع تنقله عنه يقول وأحاول أن أترجم مباشرة من الفرنسية أن السعادة بالنسبة لي تكمن في أنه حين استيقظ كل صباح وأنظر في المرآة حين أكون بصدد حلاقة ذقني، يمكنني أن أقول عن نفسي أني لست بوغد لست برجل سيئ، والسؤال هو هل فعلا كما تفضلت منذ قليل هل فعلا كان على علم بكل ما يجري أكان بالنسبة للمهدي بن بركة أو بالنسبة لتزمامرت هذا السجين الرهيب أو غيره أم لم يكن على علم بما يحصل؟
جيل بيرو: ستالين كان دكتاتورا قاسيا آخر وكل الشهادات تقول إن ضحاياه قبل أن يموت كانوا يقولون أه لو أن الرفيق ستالين على علم بذلك، بالطبع كان على علم بذلك، وبالطبع أن الملك الحسن الثاني كان على علم أيضا، عندما صدر الكتاب نفى الملك وجود سجون تزمامرت، هذا المكان الحقير حيث يتم وضع السجناء في زنزانات لا يدخلها الضوء لا يخرجون منها إلا أمواتا ذلك مريع وفظيع، نفى الملك وجود تزمامرت قال إنه غير موجود وأنه مجرد اختلاقات، لكن ذلك غير صحيح فبعد ذلك وجد نفسه مجبرا على الاعتراف بوجود تزمامرت وعلى تحرير الناجين القلائل من هذا السجن، الرجل الذي كان مشرفا على هذه السجون الخاصة للملك هو أحد أقربائه كان موجودا معه في القصر وكان يراه طوال اليوم وبالتأكيد كان على علم بما يحصل، وبالتأكيد يعرف العذاب الفظيع الذي فرضه على عائلة أوفقير، أقول إن قتل أوفقير كان مُبرَّرا فتلك هي القاعدة حاول القيام بانقلاب وفشل إذاً لابد أن يموت، لكن ما ذنب عائلته؟