بعد انتظار طال عقود وبعد عدة تأجيلات متتالية، حددت السلطة في الجزائر موعد زيارة ثلاث مقررين تابعين للأمم المتحدة لمعاينة أوضاع حقوق الإنسان وممارسة الحريات بالبلاد، بعد موجة الانتقادات التي طالتها خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد اندلاع مسيرات الحراك الشعبي المطالبة بالتغيير الديمقراطي الشامل.
وحسب وسائل إعلام مقربة من السلطة، فإنّه يرتقب أنّ يحلّ بالجزائر في سبتمبر المقبل، المقرر الأممي الخاص بحرية التعبير، وزميله الخبير في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات. فيما سيحل بالبلاد بين 15 نوفمبر و05 ديسمبر القادم المقرر الأممي المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان.
فيما يرتقب أن تبرمج في أجندة بعثات الأمم المتحدة الحقوقية، زيارة للمقررة الخاصة بحقوق كبار السن، كلوديا ماهلر (النمسا) التي وافقت الجزائر على استقبالها، في وقت لاحق.
كما نقل المصدر عينه أنّ الجزائر “منحت موافقته المبدئية لاستقبال مجموعة من المقررين ودراسة إمكانية زيارة الخبير المستقل المعني بإقامة نظام دولي ديمقراطي منصف”.
ويأتي تحديد هذه المواعيد الجديدة بعد انتظار طال عقود وعدة تأجيلات، إذ ألغت الجزائر فقط شهر سبتمبر من السنة الماضية في آخر لحظة زيارة كانت مرتقبة للمُقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعياتAMP. وقد أجلتها إلى هذا العام 2023.
وكان من المقرر أن يجري السيد كليمان فول، المُقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، زيارة رسمية إلى الجزائر تدوم من 12 إلى 22 سبتمبر 2022، قبل أن تؤجلها السلطات الجزائرية إلى عام 2023.
وكان قد جاء في موقع المفوضية السامية لحقوق الإنسان لدى هيئة الأمم المتحدة، عبر بيان له نشر على موقعه الرسمي، أن الزيارة “من أجل دراسة حالة حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، بما في ذلك الإطار المعياري النسبي للتمتع بهذه الحقوق والتقدم والتحديات والعقبات الموجودة”.
وكان لزهر سوالم، الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة في جنيف، قال أثناء اعتماد التقرير الدوري الشامل للجزائر في دورته الرابعة، التي انعقدت في نوفمبر الماضي، أن “الجزائر تنسق مع آليات الأمم المتحدة”، وانها “وجهت دعوة لزيارة الجزائر لحوالي 12 من الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان”.
وأعلن المتحدث في هذا الخصوص ان الجزائر سوف تستقبل شهر ماي المقبل المقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات (تم تأجيلها بدون إصدار أي بيان رسمي). كما جدولت زيارة للمقر الأممي المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان في النصف الثاني من هذا العام.
وتم العام الماضي في الجزائر، استقبال خبراء معنيين بمحاربة العنق ضد المرأة، وبالحق في السكن والتعليم والصحة البدنية والعقلية. كما صرح رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الثانية في البرلمان)، إبراهيم بوغالي، مؤخراً، بأن تعاطي حكومة بلاده إيجابياً مع طلبات زيارة المقررين الأمميين «دليل على شفافية من جانب السلطات الجزائرية في التعامل مع الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان».
كما استقبلت الجزائر في شهر ديسمبر 2022 وفد عن المفوضية السامية الأممية لحقوق الانسان، يقودهم مدير مندوبية الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، محمد النسور، وهي الزيارة الأولى منذ 20 سنة. أين عقد الوفد لقاءات مع ممثلين حكوميين وأخرى مع المجتمع المدني.
وواجهت السلطات الجزائرية انتقادات شديدة في المدة الأخيرة، خاصة بعد تجميد نشاط وسجن قادة أحزاب سياسية وحل جمعيات حقوقية معروفة، أمثال الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، وحملة الاعتقالات والمتابعات القضائية بالجملة التي طالت نشطاء في الحراك الشعبي بتهمة تهديد الوحدة الوطنية أمثال كريم طابو وفضيل بومالة، وصحفيين بارزين مثل خالد درارني وإحسان القاضي.
كما تلقت الجزائر مؤخراً ملاحظات شديدة اللهجة من طرف خبراء حقوق الإنسان في المجلس الحقوقي الأممي، بسبب المادة 87 من قانون العقوبات المستحدثة، وإدراج حركتي الماك وشاد في قائمة المنظمات الإرهابية، واعتقال عدد كبير من الأشخاص بشبهة الانتماء إلى التنظيمين، ومحاكمتهم بتهم الإرهاب. وردت الجزائر على هذه الانتقادات بأن مسعى إطلاق اللائحة “متطابق تماماً مع القواعد الأوروبية، وقواعد مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالإرهاب”، وأن الأمر “لا يتناقض مع التزامات الجزائر الدولية في مجال حقوق الإنسان”.