إيران.. تجدد الاحتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها لدى “شرطة الأخلاق”
شهدت إيران مظاهرات جديدة الإثنين تنديدا بوفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها من جانب “شرطة الأخلاق”، فيما لجأت الشرطة لاعتقال عدد من المحتجين في مسقط رأسها مدينة ساغير في اقليم كوردستان ايران. وواجهت “شرطة الأخلاق” التي تفرض على النساء قيودا مشددة على اللباس انتقادات في الأشهر الأخيرة بسبب استخدامها العنف.
تجددت المظاهرات في إيران تنديدا بوفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها على يد “شرطة الأخلاق” من قبل “شرطة الأخلاق” التي نفت مجددا أي مسؤولية لها في هذا “الحادث المؤسف”.
وذكرت وكالتا فارس وتسنيم الإيرانيتان للأنباء أن مظاهرة خرجت مساء الأحد في سنندج عاصمة محافظة كردستان في شمال غرب إيران، فيما جدّت احتجاجات أخرى الإثنين في جامعات عدة من العاصمة إيران.
وتعرضت الشابة مهسا أميني (22 عاما)، المنحدرة من محافظة كردستان، في 13 سبتمبر، بالعاصمة طهران وبحجة ارتداء “ملابس غير ملائمة”، للتوقيف على يد عناصر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المكلفة بالتحقق من تطبيق القواعد الإسلامية ومنها إلزامية وضع الحجاب في الجمهورية الإسلامية.
وتفرض “شرطة الأخلاق”، المعروفة باسم “غاشت إرشاد”، على النساء في إيران قيوداً مشددة على الملبس، بينها منعهن من ارتداء معاطف قصيرة فوق الركبة أو سراويل ضيقة وسراويل جينز بها ثقوب، إضافة إلى الملابس ذات الألوان الفاقعة.
ودخلت الشابة في غيبوبة إثر توقيفها، وتوفيت يوم الجمعة الفائت في المستشفى، بحسب قناة التلفزيون العامة وعائلتها.
وفاة “مشبوهة”
واعتبر ناشطون أن وفاة مهسا أميني “مشبوهة”، غير أن شرطة طهران أكدت الأسبوع الفائت عدم حصول أي “احتكاك جسدي” بين الشرطيين والضحية.
وأثارت وفاة الشابة موجة غضب في إيران. كما طلب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي فتح تحقيق في الحادثة. وقد واجهت الشرطة الأخلاقية في الأشهر الأخيرة انتقادات بسبب استخدامها العنف في تدخلاتها. وأعرب العديد من صانعي الأفلام والفنانين والرياضيين والشخصيات السياسية والدينية، عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد وفاة الشابة.
وبعد مظاهرة أولى السبت في مدينة ساغير، مسقط رأس مهسا أميني، احتشد حوالي 500 شخص في مظاهرة في سنندج، وفق وكالة فارس.
“حادث مؤسف”
وأوضحت الوكالة أن “المتظاهرين أطلقوا شعارات ضد المسؤولين وحطموا زجاج بعض السيارات وأحرقوا حاويات قمامة”، مشيرة إلى أن الشرطة استخدمت “الغاز المسيل للدموع لتفريق” المتظاهرين وأوقفت عددا منهم. وذكرت وكالة فارس أن “العديد من المتظاهرين على اقتناع بأن مهسا قضت تحت التعذيب”.
وفي العاصمة الإيرانية، أطلق طلاب حركات احتجاجية في جامعات عدة، بينها جامعتا طهران وشهيد بهشتي، مطالبين السلطات بـ”إيضاحات” بشأن وفاة الشابة، وفق وكالة تسنيم.
ورد قائد شرطة طهران الجنرال حسين رحيمي على الانتقادات، مجددا “الاتهامات الظالمة في حق الشرطة”. وقال “لم يحصل أي إهمال من جانبنا. لقد أجرينا تحقيقات (…) وكل الأدلة تثبت عدم حصول أي إهمال أو أي سلوك غير ملائم من جانب شرطيينا”. وأضاف “ما حصل حادث مؤسف ونأمل ألا نشهد يوما مثل هذه الحوادث مجددا”. وجدد رحيمي قوله إن الشابة خرقت قواعد اللباس، مشيرا إلى أن الشرطيين طلبوا من أقارب مهسا تزويدها بـ”ملابس لائقة”.
وأعرب العديد من صانعي الأفلام والفنانين والرياضيين والشخصيات السياسية والدينية، عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد وفاة الشابة. ودعا الرئيس الإيراني السابق وزعيم التيار الإصلاحي، محمد خاتمي، السلطات إلى “تقديم مرتكبي هذا العمل إلى العدالة”.
والإثنين، دان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بوفاة أميني، واصفاً ما تعرضت له بأنه “غير مقبول” وداعياً السلطات إلى معاقبة المسؤولين عن موتها.
من جهتها، اعتبرت فرنسا أن توقيف أميني وموتها في الاعتقال “صادمان للغاية”، داعية إلى “تحقيق شفاف لكشف كل ملابسات هذه المأساة”، وفق وزارة الخارجية.
رواية التلفزيون الحكومي
وفي يوم وفاتها، نشر التلفزيون الحكومي مقطع فيديو قصيرا من كاميرا مراقبة يظهر امرأة عُرّف عنها على أنها مهسا أميني تنهار في مركز الشرطة بعدما تحدثت معها شرطية. وعلق والد الفتاة أمجد أميني على ذلك قائلا لوكالة فارس الاثنين إن “الفيديو مجتزأ”، ومشيرا إلى أن ابنته “نُقلت بصورة متأخرة إلى المستشفى”.
وقال وزير الداخلية أحمد وحيدي السبت إن “مهسا كان لديها على ما يبدو مشكلات (صحية) سابقة”، و”أجريت لها عملية جراحية في الدماغ حين كانت في الخامسة من العمر”. لكن والد الضحية نفى هذه المعلومات، مؤكدا أن ابنته كانت “بصحة ممتازة”. وأُوقفت الشابة خلال زيارتها طهران مع عائلتها.
الأمم المتحدة تتحرك
وذكر بيان للأمم المتحدة التي ندتت برد إيران “العنيف” على التظاهرات، تقارير أفادت عن تعرّض الشابة البالغة 22 عاما إلى “الضرب على رأسها بهراوة وتم ضُرب رأسها بمركبة ما تسمى بشرطة الأخلاق”.
وجاء في بيان لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن “المفوّضة السامية لحقوق الإنسان بالإنابة ندى الناشف أعربت اليوم (الثلاثاء) عن قلقها حيال وفاة مهسا أميني في الحجز، بعدما أوقفتها (شرطة الأخلاق) الإيرانية تطبيقًا لقواعد الحجاب الصارمة، وحيال ردّ قوات الأمن العنيف على المتظاهرين” احتجاجًا على الوفاة.
ودعت الناشف في بيانها إلى وجوب “تحقيق سلطة مختصة مستقلة بشكل فوري ومحايد وفاعل في وفاة مهسا أميني المأسوية وفي الاتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة، بشكل يضمن خصوصا حصول عائلتها على العدالة والحقيقة”.
بدورها، أفادت الناطقة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامدساني الصحافيين بأن قوات الأمن الإيرانية ردّت، وفق تقارير، على الاحتجاجات الواسعة التي أشعلتها وفاة أميني بـ”الذخيرة الحية”. وقالت إن معلوماتها تفيد بأن خمسة أشخاص قتلوا في الحملة الأمنية.