الأخبارالعالم

غرق قارب قبالة السواحل الليبية راح ضحيته 15 مهاجرا

غرق قارب على متنه 105 أشخاص، بينهم 10 أطفال، أمس الاثنين قبالة ليبيا، راح ضحيته 15 مهاجرا. خفر السواحل الليبي نقل الناجين إلى قاعدة طرابلس البحرية.


سجلت مياه المتوسط أمس الإثنين 11 تشرين الأول/أكتوبر مأساة جديدة ضحاياها مهاجرون هاربون من الفقر والنزاعات المسلحة، باتجاه شواطئ الدول الأوروبية.

مسرح المأساة كان المياه الإقليمية المقابلة لليبيا، حيث غرق قارب كان يحمل أكثر من 100 مهاجر، قضى منهم 15 في حين أعاد خفر السواحل الليبي الناجين الـ90 المتبقين إلى طرابلس.

المهاجرون كانوا قد انطلقوا من مدينة زوارة ليل الأحد الماضي.

المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة صفاء مسيحلي، قالت في تغريدة على تويتر إن المهاجرين الناجين تلقوا الإسعافات الأولية الضرورية لحظة وصولهم إلى البر.

منظمة “هاتف الإنقاذ” المعنية برصد نداءات استغاثة قوارب المهاجرين في المتوسط، كانت قد أصدرت تحذيرا في وقت سابق حول مخاطر تهدد حياة 105 أشخاص في المتوسط، بينهم “نساء حوامل وحوالي 10 أطفال”. بعد سبع ساعات من تحذير المنظمة، أعلن خفر السواحل الليبي أنه “أطلق عملية بحث وإنقاذ” استجابة لنداء المنظمة، التي أكدت أن “من كانوا على متن القارب استمروا بإطلاق نداءات الاستغاثة إلى أن انقلب القارب بهم نتيجة سوء الأحوال الجوية.

مآس متكررة

وكانت مياه المتوسط المقابلة للسواحل الليبية قد شهدت عددا من الحوادث المؤسفة المماثلة على مدى الأشهر الماضية، حيث سجل في 22 آب/أغسطس غرق أدى إلى مقتل 18 شخصا جميعهم من الجنسية المصرية، وتمت إعادة الناجين إلى ميناء زوارة. وفي تموز/يوليو، لقي ما لا يقل عن 80 شخصا مصرعهم في غرق قاربين منفصلين. ويبقى الحادث الأكثر دموية ذلك الذي وقع في 22 نيسان/أبريل، عندما غرق 130 شخصا قبالة الساحل الليبي، على الرغم من أنهم قد أرسلوا عدة نداءات استغاثة.

ووفقا لإحصاءات المنظمة الدولية للهجرة، قضى منذ مطلع العام الجاري 474 شخصا أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عبر طريق وسط المتوسط، واعتبر 689 آخرين في عداد المفقودين. كما تمكن ما مجموعه 80,588 شخصا من الوصول إلى السواحل الأوروبية.

حملة اعتقالات ومراكز احتجاز مكتظة

ومنذ الأول من كانون الثاني/يناير، أعيد 26,314 مهاجرا إلى ليبيا، مقابل 11,891 في عام 2020.

وفقا لفلافيو دي جياكومو، ممثل المنظمة الدولية للهجرة في البحر المتوسط، يمكن تفسير هذا الارتفاع في أعداد المغادرين على أنه نتيجة التهديدات المتزايدة التي يتعرض لها المهاجرون في ليبيا. وفي حديث لراديو فرنسا الدولية، قال جياكومو “يبدو أن الخطر قد ازداد مقارنة بالعام الماضي […] يسعى المهاجرون إلى الفرار من ليبيا حيث يقعون ضحايا للعنف وتنتهك حقوق الإنسان”.

وعادة ما تكون الظروف المعيشية للمهاجرين في ليبيا صعبة للغاية، وقد ازدادت تدهوراً في الأيام الأخيرة. ففي الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، اعتقلت السلطات الليبية أكثر من 5000 شخص في طرابلس، في إطار مكافحة تهريب “المخدرات والكحول والأسلحة النارية”. تلك العملية وجهت بالانتقادات الحادة من منظمات إنسانية دولية وأممية، ومنها مجلس اللاجئين النرويجي (منظمة غير حكومية)، الذي اعتبر أنها تهدف قبل كل شيء إلى اعتقال المهاجرين واللاجئين.

ونقل معظم المهاجرين الموقوفين إلى مراكز احتجاز في جميع أنحاء البلاد، حيث كان ما يقرب من ستة آلاف رجل وامرأة وطفل يعيشون في ظروف يرثى لها. وتقول منظمة أطباء بلا حدود “في مركز احتجاز ‘المباني‘، كانت الزنازين مكتظة للغاية لدرجة أن الرجال كانوا يجبرون على الوقوف. وخارج الزنازين، كان هناك مئات النساء والأطفال الذين يقبعون في الهواء الطلق”.

تلك الظروف أدت إلى اندلاع أعمال عنف في المركز المذكور، وأطلق حراس المركز النار على المهاجرين الغاضبين على ظروف احتجازهم، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل.

وقبيل تلك الأحداث، تجمع المئات المهاجرين قبالة المكتب المحلي لمفوضية اللاجئين في طرابلس مطالبين بإجلائهم فورا عن البلاد.

كل ما سبق يوحي بالمزيد من التدهور في أوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا، الذين يسعون للوصول إلى البر الأوروبي، في وقت تطالب فيه منظمات إنسانية وحقوقية بإيجاد موانئ آمنة لهؤلاء المهاجرين وعدم إعادتهم إلى ليبيا.

عشرات المهاجرين يفترشون الرصيف قبالة مفوضية اللاجئين في طرابلس

افترش عشرات المهاجرين واللاجئين الرصيف قبالة مقر مفوضية اللاجئين في العاصمة الليبية طرابلس، في ظروف معيشية صعبة تفتقر إلى أدنى المقومات الصحية. المهاجرون، وبينهم أطفال، رفعوا لافتات كتبوا عليها شعارات من قبيل “نحن المهاجرون بدولة ليبيا نطالب المنظمة والجهات المسؤولة عن اللاجئين بإجلائنا عن هذا البلد لأنه غير آمن”، و”إجلاء فوري، أنا لاجئ، أنا إنسان”.

وكان المكتب المحلي لمفوضية اللاجئين قد علق أنشطته هذا الأسبوع بسبب تزايد ضغوط المهاجرين، وفي وقت يشهد فيه هذا الملف تجاذبات شديدة في طرابلس تحديدا، بعد حملة التوقيفات التي نفذتها السلطات الأسبوع الماضي وإطلاق النار الذي وقع في مركز “المباني” وراح ضحيته ستة مهاجرين.

جزء من المعتصمين هم من المهاجرين الذين تمكنوا من الهرب من مركز “المباني” يوم الجمعة الماضي، تحدثوا عن شعورهم بالتعب والإذلال والرغبة العارمة في مغادرة ليبيا إلى أي وجهة أخرى.

حليمة، مهاجرة سودانية ضمن المعتصمين أمام مقر المفوضية، كانت من بين المهاجرين الذين تمكنوا من الهرب من “المباني”، حيث أودعت مع آلاف آخرين عقب حملة المداهمات، في ظروف مزرية وغير إنسانية.

قالت حليمة (27 عاما) لوكالة فرانس برس “اعتدوا علينا وأذلونا وأصيب الكثير منا”.

وتضيف الشابة المتحدرة من إقليم دارفور الذي تعصف به الحرب “نشعر بتعب شديد… وحاليا موجودون في الشارع، حتى المفوضية (اللاجئين التابعة للأمم المتحدة) ترفض فتح الأبواب لنا”.

فرار جماعي

ويعاني الآلاف من المهاجرين الفارين من النيجر والسودان وإريتريا وإثيوبيا وغيرها من البلدان التي تشهد نزاعات وأزمات سياسية واقتصادية، الموجودين في ليبيا، من ظروف معيشية وحياتية سيئة، بانتظار أن تسنح لهم الفرصة للتوجه إلى أوروبا على متن أحد قوارب الموت المنطلقة من الساحل الليبي.

ويعتبر هؤلاء أنفسهم عالقون في البلد الذي تمزقه الفوضى منذ عام 2011، والذي بات عنوانا دائما في تقارير المنظمات الأممية والدولية حول الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون على أرضه.

وكانت السلطات الليبية قد شنت نهاية الأسبوع الماضي حملة توقيفات في ضاحية فقيرة في العاصمة طرابلس، حيث تقيم غالبية من المهاجرين وطالبي اللجوء، أسفرت عن مقتل شخص وإصابة 15 على الأقل، وفق الأمم المتحدة، فضلا عن احتجاز ما يقارب الخمسة آلاف مهاجر.

تقول حليمة “كنا 39 شخصا نعيش في شقة واحدة. أنا وأطفالي الثلاثة تمكنا من تجنب التوقيف…اختبأنا ثلاثة أيام”، ليتم توقيفهم لاحقا وإيداعهم مركز “المباني”.

ونتيجة الظروف المزرية داخل المركز، تمكن نحو ألفي مهاجر الجمعة من الهروب من هذا المركز، بعد اندلاع أعمال عنف وفوضى أدت إلى مقتل ستة مهاجرين برصاص حراس ليبيين، وفق المنظمة الدولية للهجرة.

“الوضع في طرابلس لا يطاق بالنسبة للسود”

يقول إسماعيل دراب، أحد المهاجرين الذين تمكنوا من الهرب من “المباني”، “كان المكان مكتظا إلى درجة لم تسمح لنا بالنوم. لم يكن يوجد مكان للتمدد”.

وأضاف طالب اللجوء الذي دفعه الفقر المدقع للهجرة “نريد فقط مغادرة هذا البلد”.

أما وفاغ إدريس (31 عاما) فقال “أطلب الإجلاء من ليبيا لأنها ليست بلدا آمنا”.

وأكد أن السلطات الليبية استهدفت خلال حملة “مكافحة تجارة المخدرات” المهاجرين “بناء على لون بشرتهم… الوضع في طرابلس لا يطاق بالنسبة إلى السود”.

وتابع الشاب السوداني “نحن معرضون لكل الأخطار. حياتنا مهددة”.

وقبل ساعات من الفرار الجماعي الجمعة، جددت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دعوتها السلطات الليبية “للسماح باستئناف الرحلات الجوية الإنسانية إلى خارج البلاد، المعلقة منذ عام تقريبا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى