مالي تتهم الجزائر بالقيام بأعمال عدائية والتدخل في شؤونها
قال المجلس العسكري الحاكم في مالي، الخميس، إنه أنهى “اتفاق الجزائر للسلام” لعام 2015 مع الانفصاليين بأثر فوري، متهما الجزائر بالقيام بـ”أعمال عدائية وبالتدخل في شؤون البلاد الداخلية”، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.
إذ قال متحدث باسم المجلس العسكري في بيان تلاه عبر التلفزيون الرسمي، إن المجلس العسكري أنهى اتفاق الجزائر للسلام مع المتمردين الانفصاليين الطوارق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في عام 2015، متهماً الجزائر بالقيام بأعمال عدائية والتدخل في شؤون البلاد الداخلية.
والجزائر هي الدولة الرئيسية التي تتوسط لعودة السلام إلى شمال مالي بعد “اتفاق الجزائر” الذي وقّع في عام 2015 بين الحكومة المالية وجماعات مسلحة يغلب عليها الطوارق.
لكن هذا الاتفاق يترنح منذ نهاية أوت الماضي حين استأنفت هذه الجماعات المسلحة عملياتها العسكرية ضد الجيش المالي في شمال البلاد بعد ثماني سنوات من الهدوء.
ففي نوفمبر الماضي، استولت القوات المالية على مدينة كيدال، في هجوم سريع شنّته بمساعدة فنية ولوجيستية من ميليشيا «فاغنر» التي تتبع لروسيا. وكيدال هي أهم معاقل المعارضة المسلحة التي تطالب بإقامة دولة في الشمال.
ورأت الجزائر في هذه التطورات “خرقاً لاتفاق السلام” الموقع بين طرفي الصراع بالعاصمة الجزائر في 2015. كما عدَّت زحف غويتا على مدن المعارضة، واستعانته بعتاد حربي متطور وضعته الميليشيا الروسيا تحت تصرّفه في حملته العسكرية، “تقويضاً للجهود التي تبذل في إطار الوساطة الدولية لطي الصراع” بصفتها رئيسة هذه الوساطة.
يأتي قرار المجلس العسكري الحاكم في مالي هذا، بعد أيام من نفي الجزائر، في بيان رسمي ما وصفته بادعاءات “لا أساس لها من الصحة” حول تقديمها مبادرة بشأن مالي خلال قمة عدم الانحياز بكامبالا.
جاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية صدر السبت الماضي: “نقل موقع على شبكة الإنترنت يزعم أنه تابع لتحالف دول الساحل، ادعاءات لا أساس لها من الصحة تفيد كذباً بأن الجزائر قدمت مبادرة بشأن مالي خلال قمة بلدان عدم الانحياز المنعقدة بكامبالا”.
بحسب البيان، فإنها قامت بإدراج أحكام في الوثيقة الختامية للقمة تتعلق باتفاق السلم والمصالحة في مالي، المنبثق عن مسار الجزائر.
كما أضاف: “الوفد الجزائري ينفي رسمياً قيامه بمثل هذه المبادرة. علماً بأن كل ما تتضمنه وثيقة كامبالا الختامية حول الأزمة المالية تم تبنيه منذ اجتماع باكو الوزاري لحركة عدم الانحياز. وهذا النص صادر عن حركة عدم الانحياز تحديداً ولم تتدخل الجزائر مطلقاً في صياغته”.
قبل أيام من نهاية العام 2023، شهدت العلاقات الجزائر المالية “هزة” غير مسبوقة، عقب استقبال الجزائر ممثلين عن حركات الطوارق المناوئين للسلطات العسكرية في باماكو، وذلك في إطار مهمتها كوسيط بين الجانبين.
وقد سارع وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، في ديسمبر الماضي، إلى استدعاء سفير الجزائر لدى باماكو الحواس رياش، لإبلاغه احتجاجا على “أفعال غير ودية” من جانب الجزائر و”تدخلها في الشؤون الداخلية” لمالي.
وقالت وزارة الخارجية المالية، في بيان حينه، أن باماكو أخذت على الجزائر خصوصا “الاجتماعات المتكررة التي تعقد في الجزائر على أعلى المستويات دون أدنى علم أو تدخل من السلطات المالية، من جهة مع أشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية، ومن جهة أخرى مع بعض الحركات الموقعة” على اتفاق 2015 والتي “اختارت المعسكر الإرهابي”.
جاء استدعاء السفير الجزائري أيضا بعد أن استقبل الرئيس عبد المجيد تبون في الجزائر العاصمة الإمام محمود ديكو وهو شخصية دينية وسياسية مالية بارزة ومن القلائل الذين تجرؤوا على التعبير علنا عن اختلافه مع المجلس العسكري الحاكم منذ أوت عام 2020.
ردا على ذلك، استدعت الخارجية الجزائرية سفير مالي لدى الجزائر.
وذكّر وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، السفير المالي بأن كل “المساهمات التاريخية للجزائر في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في جمهورية مالي كانت مبنية بصفة دائمة على ثلاثة مبادئ أساسية لم تَحِدْ ولن تحيد عنها بلادنا”، حسب بيان للخارجية الجزائرية.
وشدد البيان على “تمسك الجزائر الراسخ بسيادة جمهورية مالي، وبوحدتها الوطنية وسلامة أراضيها”. كذلك، أكد “القناعة العميقة بأن السبل السلمية، دون سواها، هي وحدها الكفيلة بضمان السلم والأمن والاستقرار في جمهورية مالي بشكل ثابت ودائم ومستدام”.
وجاء في البيان أيضا أن “المصالحة الوطنية، وليس الانقسامات والشقاقات المتكررة بين الإخوة والأشقاء، تظل الوسيلة المثلى التي من شأنها تمكين دولة مالي من الانخراط في مسار شامل وجامع لجميع أبنائها دون أي تمييز أو تفضيل أو إقصاء”.
وفق ذلك، قررت الجزائر سحب سفيرها من باماكو بشكل فوري للتشاور بعد أن تدهورت العلاقة بين البلدين، وهو ما قابلته باماكو بالمثل قبل أن يُقَرّر عودة السفيرين أسبوعين بعد ذلك.