”فريدوم هاوس“ تصنف الجزائر ضمن قائمة ”البلدان الغير حرة“
صنفت منظمة فريدوم هاوس – Freedom house- الجزائر على أنها بلد “غير حر”، وذلك في أحدث تقرير أصدرته قبل أيام حول أوضاع الحريات وسيادة القانون والديمقراطية في مختلف أنحاء العالم خلال عام 2022.
وحصلت الجزائر بحسب المنظمة غير الحكومية على تقييم شامل بـ 32 من 100، وهو ناتج ما نالته في محور الحقوق السياسية (10 من 40) والحرّيات المدنية (22 من 60).
وفي ملخصها العام حول الجزائر قالت المنظمة ” إن الشؤون السياسية في البلاد تسيطر عليها نخبة مغلقة في الجيش والحزب الحاكم جبهة التحرير الوطني.
وأشارت إلى أنه على الرغم من وجود أحزاب معارضة متعددة في البرلمان، إلا أن الانتخابات “تميل إلى التزوير والعمليات الانتخابية ليست شفافة”.
وتشمل بواعث القلق الأخرى، بحسب المنظمة “قمع الاحتجاجات في الشوارع”، و “القيود القانونية على حرية الإعلام”، و “الفساد المستشري”.
وتابعت. “ضغطت حركة الحراك الاحتجاجية في عام 2019 على النظام من أجل الإصلاح، لكن قمع المعارضة في السنوات اللاحقة حال دون استمرار الاحتجاجات واسعة النطاق”.
أما حول العالم فقالت المنظمة إن الحرية العالمية تواجه تهديدا خطيرا، في جميع أنحاء العالم، حيث “أصبحت الأنظمة الاستبدادية أكثر فاعلية في اختيار أو التحايل على القواعد والمؤسسات التي تهدف إلى دعم الحريات الأساسية”.
وأضافت أن التهديد الحالي للديمقراطية هو نتاج 16 سنة متتالية من التراجع في الحرية العالمية. حيث عانت 60 دولة من انخفاضات خلال العام الماضي، بينما سجلت 25 دولة فقط تحسنات.
وأشارت التقرير إلى أن حوالي 39% من سكان العالم يعيشون في بلدان “غير حرة”، وهي أعلى نسبة منذ عام 1997، بينما يعيش حوالي 20% فقط في “البلدان الحرة”، وما بينهما يعيشون في بلدان “حرة جزئيا”.
الحياة السياسية
قال التقرير أن الأحزاب السياسية في الجزائر لا تزال “مقيدة في نشاطها بالحصول على موافقة من وزارة الداخلية للعمل بشكل قانوني”، وأشار إلى تعرض حزب العمال الاشتراكي “للتعليق” من طرف المحكمة عن مزاعم “عدم قيامه بمؤتمر سنوي في الآجال”.
وابزر التقرير أن السلطات الجزائرية استخدمت “تشريعات مكافحة الإرهاب ذات الصياغة الغامضة لمقاضاة أعضاء في المعارضة”. كما زادت السلطة خلال هذه الفترة من وتيرة “قمع الحركات ذات التوجه الانفصالي أو الإسلامي”، وصلت حد تصنيف “حركتي الماك ورشاد في قائمة المنظمات الإرهابية”.
كما كشف التقرير أن أحزاب المعارضة تلعب “دورًا هامشيًا في البرلمان”، حيث يتم “الحدّ من أنشطتها بانتظام من قبل الحكومة”. وأشار كذلك إلى تعرض “زعماء المعارضة للسجن والمحاكمة”، مثل الحكم على “فتحي غراس” بالسجن عامين مع غرامة مالية بتهم من بينها “إهانة هيئة نظامية”.
دور الجيش
يرى التقرير بأن مؤسسة الجيش الجزائري هي “أقوى فاعل سياسي في الجزائر والحَكَم النهائي في الخلافات السياسية”، كما أن لها “نفوذ طويل الأمد على الساحة السياسية”، وهذا بفضل “مواردها الهائلة والافتقار إلى المساءلة”.
وأضاف التقرير ان “المنتخبون عادة ما يعتمدون على الجيش للاحتفاظ بمناصبهم”، مشيرا إلى أن “بوتفليقة قدّم استقالته في أفريل 2019 لما فقد الدعم العسكري”.
كما نوه إلى أنه “لا يزال رئيس أركان الجيش يمارس نفوذاً كبيراً على إدارة الرئيس تبون”.
مكافحة الفساد
قال التقرير بأن “انتشار الفساد على جميع مستويات الحكومة” يعود إلى “قوانين مكافحة الفساد غير الكافية، والافتقار إلى الشفافية الرسمية، وانخفاض مستويات استقلال القضاء، والبيروقراطيات المتضخمة”.
وعن حملة مكافحة الفساد التي انطلقت مع تنحي بوتفليقة من السلطة في 2019، قال التقرير بأنها “استهدفت” وفقط “رجال الأعمال والمسؤولين الذين كان لهم تأثير على القرارات السياسية في ظل الإدارة السابق”.
واعتبر أن الأحكام “القاسية” على عدد من الحلفاء السياسيين والاقتصاديين السابقين لبوتفليقة “بالسجن” كجزء من حملة مكافحة الفساد التي أعقبت استقالته هي “تصفية الحسابات بين الفصائل داخل النظام”.
وتأسف التقرير إلى أن المبلغون عن الفساد في الجزائر “لديهم القليل من الحماية القانونية”، وأنه حتى هذه الضمانات الموجودة “غالبًا لا يتم إنفاذها في الممارسة العملية” وأنه قد واجه العديد من المبلغين البارزين انتقامًا من الحكومة في السنوات الأخيرة.
وتحدث التقرير عن الضابط السابق في الجيش محمد بن حليمة، الذي سلمته إسبانيا للجزائر في مارس 2022، “بتهم مشكوك فيها تتعلق بتورطه المزعوم في حركة رشاد المحظورة”.
وقال التقرير بأن بن حليمة “أثناء إقامته في الخارج كشف علانية عن الفساد داخل الجيش من خلال منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، وأنه اليوم يواجه ما لا يقل عن 30 تهمة بسبب نشاطه”. “وحُكم عليه بالسجن 12 عامًا في مجموعة أولية من ثلاث تهم في أوت كما حُكم عليه بالإعدام من قبل محكمة عسكرية بتهمتي “التجسس والفرار من الخدمة العسكرية”، يضيف التقرير.
وانتقد المصدر نفسه، افتقار الدولة إلى التشريعات التي تضمن وصول المواطنين إلى المعلومات الرسمية مثل أصول المسؤولين الحكوميين، مشيرًا إلى وجود غموض كبير يحيط بإجراءات صنع القرار الرسمية.
حرية التعبير والصحافة
بخصوص حرّية الإعلام، ذكر التقرير أن معظم الصحف تعتمد على الوكالة الحكومية للنشر والإشهار، مما يشجّع الرقابة الذاتية، كما تطرق إلى منع السلطات أحيانًا توزيع الصحف الإخبارية الموجودة في الخارج أو الولوج لمواقع الأنترنت المستقلة الموجودة كذلك في الخارج.
وعن اعتماد المواقع الإخبارية، قال المصدر ان السلطة تشترط بأن يكون موجه من قبل مواطنين جزائريين ومقيمين فعليًا في الجزائر، والإبلاغ عن مصادر الدخل، والاحتفاظ بأرشيف لمدة ستة أشهر على الأقل. مشيرة في هذا الصدد إلى مشروع القانون الجديد للإعلام الذي سيمنع الصحف من تلقي أي تمويل من الخارج أو من “مصادر مشبوهة”. وهو ما اعتبرته “كآليات قانونية لتقييد النشاط الإعلامي”.
كما تحدث التقرير عن إغلاق جريدة ليبيرتي الناطقة بالفرنسية عام 2022 بسبب “الضغط السياسي”، وراديو أم في ديسمبر 2022 مع اعتقل رئيس تحريرها، إحسان القاضي، الذي أوقف عدة مرات على خلفية عمله، قبل أن يتهم “بتهديد الأمن القومي” و “تلقي تمويل مشبوه من مصادر أجنبية”.
وأشار التقرير كذلك إلى ما يتعرض له الصحفيون والمدونون من “مضايقات واعتقال تعسفي واستجواب”، خاصة الذين “يغطون المظاهرات او المقربون من الحراك”، بما في ذلك السجن لفترة وجيزة والغرامات بسبب جرائم مثل “التشهير” و “تهديد الوحدة الوطنية”. مشيرة في ذلك إلى حالة الحكم على الصحافي مرزوق تواتي في جانفي 2022 بالسجن لمدة عام بتهمة “نشر معلومات كاذبة” بعد كتابته مقالاً يدين ظروف احتجاز ناشط محتجز.
وعن حرية التجمع قالت المنظمة أن السلطات الجزائرية تفرض “قيود قانونية” عليها رغم التسامح في بعض الأحيان مع احتجاجات الحراك التي بدأت في عام 2019، قبل أن تظهر “قمعًا متزايدًا بعد استئناف التظاهرات في عام 2021 مما أدى إلى فقدان الحراك زخمه”.
وأضافت أنه بالرغم من أنه لم تعد احتجاجات الحراك واسعة النطاق في عام 2022 إلا أن الشرطة واصلت اعتقال الأفراد الذين يُزعم أن لهم صلات بالحراك خلال العام وفي قمع المظاهرات الأخرى المناهضة للحكومة، كما وصلت الحكومة في مراقبة الأنترنت وتقاضي مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي باسم الأمن القومي، بخاصة أنصار الحراك.
حرية المعتقد
وبشأن الحريات الدينية، ذكر التقرير أن أفراد الأقليات الدينية بمن فيهم المسيحيون والمسلمون غير السنة، يعانون من اضطهاد وتدخل الدولة، لافتًا إلى أن “التبشير من قبل غير المسلمين أمرٌ غير قانوني”. ورصد ما قال إنها حملة قمع ضد الأقلية الأحمدية الصغيرة، حيث تمت محكمة ببجاية، في سبتمبر 2022، 18 أحمديًا عن مزاعم بالمشاركة في “جماعة غير مرخصة” و “تشويه سمعة الإسلام” ليحُكم على ثلاثة بالسجن لمدة عام ، وحُكم على الخمسة عشر الباقين بغرامة وحكم عليهم بالسجن ستة أشهر.
كما ذكر التقرير أيضا إلى أن الدولة لا تسمح بالقيام بالعبادة إلا في الأماكن التي توافق عليها، وإلى طلب السلطات من مؤسسة كاريتاس، وهي منظمة خيرية تابعة للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، التوقف عن العمل في البلاد دون تقديم أي تفسير.
استقلالية القضاء
خلص التقرير إلى أن القضاء في الجزائر “عرضة للضغط من الحكومة المدنية والجيش”، وأن غياب استقلالية القضاء هذه والنيابة العامة غالبا ما تؤدي إلى “تقويض حقوق الإجراءات القانونية الواجبة للمتهمين، لا سيما في القضايا الحساسة سياسياً ضد مسؤولين سابقين أو نشطاء مدنيين”. مشيراً في ذلك إلى طول فترة الحبس المؤقت للموقوفين الاستجابة لطلبات المدعين لتمديد فترات الاحتجاز السابقة قبل المحاكمة.
كما تحدث التقرير عن الانتهاكات التي تقوم بها قوات الأمن من “عمليات تفتيش دون إذن قضائي” و “قيامها باعتقالات تعسفية من وضع في الحجز تحت النظر”. وأنه “يقبع أكثر من 300 سجين سياسي في الحبس اعتباراً من أفريل 2022، العديد منهم رهن الحبس المؤقت، حسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين”.
وقد أشارت في تقريرها، في ضل هذه الانتهاكات، إلى حالة الناشط في الحراك عبد الحميد بوزيزة الذي اعتقلته قوات الأمن في أكتوبر 2022، ليختفي قسريًا قبل أن يعثر عليه بعد 20 يومًا حبوس على بعد 300 ميل تقريبًا من مكان اعتقاله. كما وقضية تعرض سليمان بوحفص ، وهو لاجئ جزائري في تونس، الذي تعرض للاختطاف من تونس والإخفاء القسري على يد مجهولين في أوت 2021، ليتم تحديد مكانه بعد أربعة أيام في الحجز بالجزائر العاصمة. وهذا ليحكم على بوحفص في ديسمبر 2022 بالسجن ثلاث سنوات وغرامة 100 ألف دينار بعد اتهامه بصلاته بـحركة الماك. كما وظلت الظروف الدقيقة لإعادته القسرية إلى الجزائر غير واضحة.