أراء حرة

حرية الصحافة ليست امتيازا للصحفيين، بل حق من حقوق المواطنين

في الوقت الذي قررت فيه السلطة الفعلية في البلاد في الأسبوع الرابع من مارس2019 التوقف عن دعم خامسة عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الجزائريين و الجزائريات، خرج الكثير من الصحفيين و مدراء الصحف يصفون بوتفليقة و رجالاته بمختلف النعوت السيئة بعد أن تلقوا ايعازا بذلك وصل إلى حد نشر خبر كاذب مفاده دخول عبد العزيز بوتفليقة في غيبوبة، وهو الذي ظهر أقل من 48 ساعة بعد ذلك في جبته و هو يقدم رسالة استقالته أمام كاميرا التلفزيون الحكومي لرئيس المجلس الدستوري.

“العصابة ” علامة دعائية لقمع حرية الصحافة و كل الحريات

الأجهزة الاعلامية بدأت تسوق لخطاب “تحرر الاعلام” لتربط ما كانت فيه بمحيط بوتفليقة وحده، وهو ما تعمق أكثر بعد أن وصف قائد الأركان احمد قايد صالح هؤلاء بــ”العصابة”، فتحول مصطلح “العصابة” إلى علامة دعائية مميزة تلصقها الأجهزة الاعلامية بكل من رفض المرور بالقوة الذي حدث في 12 ديسمبر 2019و ما تبعه. ومعها بدأت التضييقات و الاعتقالات ضد كل الصحفيين و الصحفيات الذين يريدون أداء مهامهم خارج الاطار المفروض، و آخر هذه الاجراءات اعتقال الصحفي و الناشر القاضي إحسان ، و تشميع مقر “ماغراب ايمارجون” و “راديو ام ” الذي يديره دون أن يعرف الجمهور ما حدث و دون ان يجد الصحفيين و الصحفيات أي حرج في السكوت عما حدث بل و في محاولة تبريره

غالبية الصحفيين و الصحفيات الذين قبلوا و لا يزالون بممارسة إعلامية حولت الصحفي إلى شخص يؤدي دور المخبر ودور الشرطي ودور القاضي والمحامي، والملحق الصحفي والعون الإشهاري و الدبلوماسي والإمام و المناصر والمناضل وغيرها من الأدوار إلا دوره، لا يزالون يخلطون بين مصالح مديري ومالكي المؤسسات الإعلامية ومصالح المهنة والصحفيين، ، فيتحولون إلى أدوات للدفاع عن مالكي ومديري المؤسسات الإعلامية، وهذه ليست مهمتهم، لأن مهمتهم الدفاع عن مهنتهم، وعن حقوقهم المهنية والاجتماعية، مع ضرورة الالتزام بالواجبات المهنية نحو الجمهور.

الدعاية تقتل الصحافة و تستأصل السياسة

إن الحراك قام بتعرية الإعلام أمام الرأي العام وأعلن قطيعة شاملة معه، فالمجتمع الجزائري لم يكن يعرف درجة تبعية المؤسسات الإعلامية ومسؤوليها لمختلف الشبكات والعصب التي تشكل منظومة الحكم، كما حدث بعد 22 فيفري 2019،وهو ما يستمر إلى الآن، و كل المؤشرات تقول أنه لن يتوقف في القريب المنظور، ما لم يفهم الصحفيون و الصحفيات و النخب الحاكمة أو التي تلعب دور المعارضة، بأن حرية الصحافة ليست امتيازا للصحفيين بل هي حق للمواطنين. و يوم ذاك فقط قد يعرف من يصنعون القرار أن الوضع الذي نعيشه هو غياب كامل للممارسة الإعلامية، و هذا الغياب حامل لكل المخاطر، فكل الدول تصرف ملايير الدولارات لربط مواطنيها بوسائل إعلامها، في حين أن الجزائر صرفت ما صرفت و أنتجت أجيالا من الفاسدين في هذا القطاع منذ تسعينيات القرن الماضي على الأقل من أجل نزع كل مصداقية عن وسائل إعلامها، و تعميق ازمة المصداقية مع إعلامها، و تسليم جمهورها بشكل مجاني لكل الأجهزة الإعلامية الأجنبية لتفعل به ما تريد، فهل لا يزال نبض من الحياة لدى آلاف الصحفيين و الصحفيات ليعرفوا أن حرية الصحافة ليست امتيازا للصحفيين، بل حق من حقوق المواطنين.

بقلم: رضوان بوجمعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى