العالمحقوق الإنسان

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ترسم صورة قاتمة للوضع الحقوقي بالمغرب

قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إن الجو العام لحقوق الإنسان بالمغرب، موسوم بتدهور شامل.

وأوضحت الجمعية، أن أوضاع حقوق الإنسان لم تشهد، خلال سنة 2023، أي تطور إيجابي ملحوظ يذكر، إذ واصلت الدولة فرض قيودها على الحق في التنظيم والتجمع، فواصلت استخدام القوة المفرطة لفض العديد من أشكال الاحتجاج والتظاهر السلمي، وتضييقها على حرية الرأي والتعبير، واعتقالها للصحفيين والنشطاء في مواقع التواصل الرقمي والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الحركات الاجتماعية وكل الأصوات الناقدة للسلطوية، الذين يجري إخضاع بعضهم لمحاكمات جائرة، لا تحترم مبادئ ومعايير المحاكمة العادلة. فيما لم تعمل السياسات العمومية الليبرالية المتوحشة المتبعة، حتى الآن، سوى على التقويض الشامل والمتوالي لأهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وتكريس مختلف أوجه اللامساواة والتمييز، عبر تصفيتها المتدرجة للمرافق العمومية والخدمات الاجتماعية والدعم العمومي، والسعي للقضاء على صندوق المقاصة، وفشلها في توفير العمل اللائق للجميع وسعيها للمزيد من المس باستقرار الشغل، وحرمانها لشرائح عريضة من المواطنين، تتضاعف أعدادها، من الحق في الوصول إلى الموارد الضرورية التي توفر لها مستلزمات العيش الكافي والكريم، وتقاعسها عن التمكين الفعلي لحقوق النساء، والأطفال، والأشخاص ذوي الإعاقة والمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء.

وسجلت الجمعية، ما أسمته ب”ارتماء الدولة الكامل في أحضان الكيان الصهيوني وإبرام اتفاقيات خيالية معه في كل المجالات”، مما يفتح الباب أمام الخطر التخريبي للصهيونية ويرهن السيادة الوطنية للبرامج الصهيوإمبريالية.

وأضافت الجمعية، أن كارثة زلزال الاطلس الكبير والذي ضرب المغرب يوم 8 شتنبر اظهرت غياب أية مقاربة ناجعة للتعامل مع الكوارث والمناطق المنكوبة، حيث اتسمت تدخلات الدولة المتأخرة بالضعف وعدم النجاعة واستمر هذا الوضع الموسوم بالارتجالية إلى الآن مما جعل المنكوبين يعيشون أوضاعا صعبة لولا التضامن الواسع للمواطنين والمواطنات.

ورصدت الجمعية، في تقريرها، استمرار رفض الدولة المغربية أو تلكؤها في التصديق على العديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل المتعلق بتقديم البلاغات وعدم رفعها للتحفظات والإعلانات بخصوص البعض منها، بالإضافة إلى عدم تصديقها على عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية وفي مقدمتها الاتفاقية 87 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم؛

ونبهت الهيئة الحقوقية إلى ضعف التجاوب الفعال مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، ورفض تنفيذ العديد من التوصيات الصادرة عن الاستعراض الدوري الشامل ولجان المعاهدات والإجراأت الخاصة عن الآليات الدولية الأخرى، كما هو الشأن بالنسبة لقرارات الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي، وعدم توجيه دعوات دائمة إلى المكلفين بولايات في إطار الإجراء ات الخاصة، ورفض الاستجابة لطلبات أغلبهم، والتأخر في وضع التقارير لدى لجان معاهدات حقوق الإنسان لا سيما التقرير حول التعذيب، إلى جانب محدودية مهام وأداء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، التي تم إلحاقها بالمجلس الوطني لحقوق الانسان ضدا على مطالب الحركة الحقوقية، وعدم نشر التقرير السري الذي أرسلته اللجنة الفرعية لمنع التعذيب في عام إلى المغرب في فبراير 2019، بعد زيارتها للمغرب في أكتوبر 2017.

دستور مشبع بالاستبدادية وتكثيف السلط

واعتبرت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” أن الدستور المغربي في جوهره مشبع بالاستبدادية وتكثيف السلط بشكل مطلق في يد الملك ، مشددة على ضرورة إقرار دستور ديمقراطي علماني شكلا ومضمونا، يرسخ القيم الحقوقية الكونية وفي مقدمتها الحرية والكرامة والمساواة والعدالة والسلم والتضامن، وينبني على معايير حقوق الإنسان الكونية، ويكرس مبدأ سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية، ويرسي السيادة الشعبية وينص على فصل حقيقي للسلط وللدين عن الدولة، وعلى ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب في كل الجرائم السياسية والاقتصادية؛ كما يعترف بكافة الحقوق والحريات الفردية والعامة، بما فيها حرية العقيدة، وبكون اللغة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية دون أية تراتبية تذكر.

وعلى الصعيد التشريعي؛ ترى الجمعية أن مجمل القوانين والتشريعات الوطنية لا تتلاءم مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صدق عليها المغرب، مما يحد من نطاق إنفاذها وإعمالها، وأن مشاريع القوانين المعروضة على البرلمان للمناقشة والدراسة والبت، أو التي لم تعرض بعد أو تلك التي تم التصديق عليها، لا تستجيب بشكل كاف لانتظارات الحركة الحقوقية المغربية، وتجدد رفضها تقديم مشاريع القوانين التنظيمية والقوانين والمراسيم أمام البرلمان للتصديق عليها قبل اكتمال النقاش العمومي حولها، بإشراك كل مكونات الحركة الديمقراطية والحقوقية المغربية، ودراسة مدى ملاءمتها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وعلى الخصوص مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب

وجددت الجمعية رفضها التعديلات بالتقسيط على مشروع القانون 16.10 القاضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، مؤكدة على ضرورة الإسراع بوضع مشروع متكامل وغير مبتور لتغيير القانون الجنائي، يستند إلى المرجعية الكونية لحقوق الإنسان وما سار عليه الفقه القانوني، وعلى التوصيات الصادرة عن الآليات الدولية لحقوق الإنسان ، وطرحه على الحركة الحقوقية والمختصين لإبداء الرأي فيه، قبل عرضه على البرلمان للمناقشة.

عدم تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة

سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان،بعد انصرام أكثر من سبعة عشرة سنة على صدور التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، التنصل من وضع العديد من التوصيات موضع التنفيذ، و التجاهل الكامل لآلاف الملفات الموضوعة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان المتعلقة بجبر الضرر الفردي؛ بالإضافة إلى عدم الكشف عن مصير كافة المختطفين مجهولي المصير، وعدم الكشف عن نتائج الحمض النووي، التي خضعت لها عائلات بعض ضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير، وعدم الإفصاح عن هوية عدد من المتوفين وتسليم رفاتهم إلى عائلاتهم.

وطالبت الجمعية، في هذا الصدد، بالاستجابة لمطلب الحركة الحقوقية بتشكيل الهيئة المستقلة للحقيقة، لكشف الحقيقة عن كافة الانتهاكات الجسيمة، وضمنها ملفات ضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير؛ الإسراع بتقديم الإعلانين المنصوص عليهما في المادتين 31 و32 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، المتعلقين باعتراف الدولة المغربية باختصاص اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري في تلقي وبحث شكاوى الأفراد وكذا شكاوى الدول بشأن أخرى ودراستها، وإدماج مقتضيات الاتفاقية في التشريع الجنائي الوطني، وإعمال العدالة وعدم الإفلات من العقاب على أي فعل من أفعال الاختفاء القسري.

وفيما يهم ملف انتهاكات حقوق الإنسان في سياق مناهضة الإرهاب؛ ترى الجمعية،أن الحد من مظاهر الإرهاب يجب أن يبنى على مقاربة شاملة لا تقف، فقط، عند المقاربة الأمنية الصرفة، مطالبة بإلغاء القانون 03.03 المتعلق بمحاربة الإرهاب، وتبني تعريف دقيق للإرهاب يتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومراجعة قانون المسطرة الجنائية، لضمان حق الشخص المحتجز من الاتصال بمحام من اختياره مباشرة بعد اعتقاله، وتقليص مدة الحراسة النظرية ومنع التعذيب وسوء المعاملة.

كما جددت الجمعية، مطالبتها بإعادة محاكمتهم مع تمكينهم من حق التمتع بكافة شروط المحاكمة العادلة، نظرا للملابسات التي أحاطت بتوقيف معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية واعتقالهم، وعدم تمتعهم بشروط وضمانات الحق في المحاكمة العادلة.

حق التجمع والتظاهر السلمي

استنكرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان استمرار الاستخدام غير المشروع للقوة والتدخلات غير المبررة للقوات العمومية لتفريق مجموعة من المسيرات والوقفات والتظاهرات والتجمعات السلمية، المنظمة من طرف عدد من النقابات والتنسيقيات والحركات الاجتماعية والاحتجاجية في مختلف المناطق، ولجوء السلطة إلى اسلوب المنع للعديد من الوقفات والمسيرات وأحيانا منع حرية التنقل إلى بعض المناطق للمشاركة في الاحتجاجات.

تواتر المتابعات القضائية للمدونين

سجلت الجمعية، تواتر الاستنطاقات والتهديدات الأمنية والمتابعات القضائية لعدد من المدونين ومستعملي شبكات التواصل الاجتماعي على خلفية نشر تدوينات وفيديوهات للتعبير عن أرائهم،، مشيرة إلى إدانة بعض المتابعين بعقوبات سالبة للحرية، أبرزها، على سبيل الذكر لا الحصر، محاكمة المدونة سعيدة العلمي والناشط الحقوقي رضا بنعثمان والمعتقل السابق على خلفية حراك الريف، ربيع الأبلق.

كما رصدت الجمعية، ضعف الضمانات القانونية لممارسة الحق في الوصول السلس إلى المعلومة، كما أن قانون الصحافة والنشر، خاصة الصحافة الإلكترونية، يتضمن تهديدا حقيقيا لحريتها ويضع عراقيل متعددة للوصول للمعلومات وتلقيها ونشرها للعموم بما ينسجم والمعايير الدولية.

وأضافت الهيئة الحقوقية، أن المغرب مازال يعرف استمرار توظيف مقتضيات القانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر في متابعة ومحاكمة الصحافيين/آت والمدونين/آت والناشطين/ات الإلكترونيين/ات والمثقفين/ات والفنانين/ات والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان، وتعريض البعض منهم للسجن، وتجنيد مواقع إلكترونية موالية لجهاز الأمن لشن حملات التشهير بهم، وانتهاك معايير المحاكمة العادلة، أبرزها محاكمة الصحفيين المهنيين سليمان الريسوني وعمر الراضي والأكاديمي والمؤرخ والصحفي المعطي منجب والنقيب محمد زيان، وتوظيف القضاء للانتقام منهم، من خلال اعتقالهم ومتابعتهم بتهم جنائية خيالية وإصدار أحكام جائرة وقاسية في حقهم.

واعتبرت الجمعية، أن قانون الصحافة معيقا لحرية الرأي والتعبير، مشيرة إلى أن ترك المجال مفتوحا للقانون الجناىي قد يؤدي للزج بالصحفيين في السجون أو منعهم من ممارسة الصحافة لمدة طويلة، وتؤكد على إلغاء كل الإجراء ات والفصول المقيدة للحرية والمخالفة للمعايير الدولية ذات الصلة وحذف الفصول السالبة للحرية والمكرسة للغرامات والتعويضات الباهظة التي قد تؤدي إلى إقبار عدد من المقاولات الصحفية.

طابع متسم بالتمييز لمدونة الأسرة

سجل تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ضعف المؤشرات في مجال إعمال مبدأ المساواة بين الجنسين في كل المجالات، إلى جانب الطابع المتسم بالتمييز لمدونة الأسرة، على مستوى المرجعية ومنطوق النصوص، وخاصة في القضايا الجوهرية، مثل تعدد الزوجات ومساطر الطلاق والولاية الشرعية، وتزويج القاصرات.

وفي سياق مراجعة مدونة الأسرة، أكدت الجمعية، موقفها بضرورة اعتماد مقاربة شمولية وتشاركية لإعداد تشريع أسري يضمن المساواة في الحقوق انسجاما مع اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

كما رصدت الجمعية، استشراء العنف ضد النساء الذي يشكل انتهاكا صارخا لحقوق المرأة وتهديدا للمساواة بين الجنسين وإهانة وتبخيسا لكرامة النساء، خصوصا العنف الأسري. وفي هذا الإطار، مشددة على أن القانون 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد النساء لا يوفر آليات فعلية وفعالة لحماية المرأة من العنف بكل أشكاله ولا يضع حدا للإفلات من العقاب.

وطالبت الجمعية بتغيير جذري وشامل للتشريع الجنائي المتعلق بالمرأة ولقانون مكافحة العنف ضد النساء، بما يتلاءم مع مقتضيات اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة والإعلان العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، أحد المطالب الأساسية القائمة.

كما سجلت الجمعية، ضعف تقلد النساء لمناصب المسؤولية العليا، وتمركزهن الكبير في المناصب الدنيا، بالرغم من توفر العديد منهن على الكفاءة والمؤهلات التي تخولهن تحمل المسؤولية في المناصب العليا.

وضعية حقوق الطفل

نددت الجمعية، بضعف التزام الدولة المغربية بتعهداتها في مجال حقوق الطفل، والمتمثل في عدم التنفيذ الكامل للتوصيات الصادرة عن لجنة حقوق الطفل والهيئات الأممية الأخرى ذات الصلة، وعدم الأخذ بالمصالح الفضلى للطفل في رسم السياسات العمومية، وتغييب المجتمع المدني في صياغة الخطط والبرامج للنهوض بأوضاع الطفولة؛ مما نجم عنه انتهاكات خطيرة مست الحق في الحياة والتسمية والتعليم والصحة؛ بالإضافة إلى سوء المعاملة والاعتداأت الجنسية، والتزايد المقلق لجرائم الاغتصاب خصوصا في صفوف الفتيات وذلك في ظل تساهل القضاء مع الجناة الذين يستفيدون، عموما، من أحكام قضائية مخففة.

وأضافت الجمعية، أن هناك مؤشرات تبين أن الاستغلال الجنسي للأطفال يتفاقم، حيث تنشط الشبكات الإجرامية المتاجرة في الأطفال؛ فضلا عن استغلالهم الاقتصادي في الحقول والمعامل والصناعة التقليدية وكخادمات في البيوت.

وأكدت الجمعية، على ضرورة سحب الإعلان التفسيري بشأن الفقرة الأولى من المادة 14 من اتفاقية حقوق الطفل تماشيا مع إعلان فيينا، وجميع التحفظات التي أبدتها على الاتفاقية؛ والالتزام بعدم الانضمام إلى أي عهد أو اتفاقية، إقليمية أو قطرية، تتعارض مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، خاصة اتفاقية حقوق الطفل.

أوضاع السجون مقلقة

وعلى صعيد آخر أعلنت الجمعية أن الأوضاع بالسجون، “مقلقة”، بشهادة التقارير الرسمية، والتي أجمعت على كونها لا تحترم إنسانية السجناء.

وأرجعت الجمعية سوء أحوال السجون المغربية، سواء منها المتعلقة بالإقامة حيث الاكتظاظ بسبب اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، الذي بات ظاهرة بنيوية تتغذى على اللجوء المتنامي للاعتقال الاحتياطي؛ مع ما يتمخض عن هذا من تأثيرات سلبية على كل مناحي العيش بالسجون؛ من حيث التغذية، والنظافة، والاستحمام، والفسحة، والزيارة، والتطبيب والعلاج ومتابعة الدراسة، مما يدفع العديد من السجناء، بمن فيهم المعتقلون السياسيون، إلى خوض إضرابات عن الطعام.

واعتبرت الجمعية، أن عمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب يظل متواضعا، مشيرة إلى أنه لا يجري تحريك اللجان الإقليمية لمراقبة السجون للقيام بمهامها المتمثلة في الزيارات الدورية للمؤسسات السجنية، فإن ما يتسرب من معلومات بخصوص ادعاأت التعذيب وسوء المعاملة، تكتفي المندوبية العامة لإدارة السجون دائما بمواجهتها بإصدار بيانات تكذيبية، كما أن المندوبية تستبق نتائج التحقيقات في بعض حالات الوفيات داخل السجون دون أن تجشم نفسها عناء انتظار نتائج التحقيقات القضائية حولها.

استمرار انتهاك الحق في الشغل

سجلت الجمعية، استمرار الانتهاك الخطيرللحق في الشغل، موضحة أن نسبة البطالة وصلت إلى مستويات قياسية حوالي 13،5% كما أن واقع البطالة المكشوفة أو المقنعة لملايين المواطنين والمواطنات، بمن فيهم الشباب حاملي الشهادات العليا، ما يكشف حسب الجمعية، حجم الخصاص لإعمال هذا الحق، خاصة في ظل التعامل السلبي للسلطات مع مطلب الحق في الشغل ــ عبر ضعف الإجرء ات الجادة لخلق فرص الشغل أو عبر قمع الاحتجاجات السلمية ــ وكذا عدم وفاء الدولة بما التزمت به في التصريح الحكومي بخلق مناصب الشغل، ناهيك عن فقدان الالاف من العمال والعمال الزراعيين وفي قطاع الصناعة والخدمات لمناصب الشغل جراء الازمة الاقتصادية.

ونددت الجمعية، بالإجراء الخطير للدولة على الشغل القار، بعملها على تمرير قانون يجيز التوظيف بالعقد المحدود الأجل من طرف الدولة.

تعثر ضمان التعليم الجيد

قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ة الظروف المزرية لقطاع التربية والتعليم بالمغرب تتجلى بشكل أساسي، في تعثره في رفع تحدي تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة القاضي بضمان التعليم الجيد المنصف والشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع، حيث ما زال المغرب يخضع لشروط وإملاأت المؤسسات المالية باعتماده إجراء ات تدعم الخوصصة والعمل بالعقدة وتقليص كثلة الأجور ووضع نظام أساسي مجحف شكل رفضه إغراق المدرسة العمومية في توترات وهدر مدرسي تتحمل فيه الدولة كل المسؤولية.

كما مازال المغرب، حسب تقرير الجمعية، بعيدا عن تطبيق إلزامية التعليم الأولي وتعميمه خاصة في البادية والمناطق الجبلية وهوامش المراكز الحضرية وشبه الحضرية، خصوصا بالنسبة للفتيات وتأمين الحق في التعليم للأشخاص في وضعيه إعاقة واستدامة التعلم، وعدم القدرة على ضمان التعليم الأولي وتعميمه، ناهيك عن تحقيق مدرسة الجودة وتمكين المؤسسات التربوية من الأطر اللازمة، والتجهيزات، والبنايات، والداخليات، والنقل المدرسي، وقد أظهر زلزال الأطلس الكبير والحلول المطروحة لمواجهة تداعياته غياب أية مقاربة للتعامل مع الكوارث وسلوك منطق الارتجالية في التعاطي مع مخلفات الزلزال وعدم القدرة على ضمان استمرار العملية التعليمية؛

ورصد التقرير، فاقم وضعية منظومة التعليم بسبب غموض وضبابية الرؤية وتعدد الخطط لدى الوزارة الوصية بدون إخضاعها للتقيم من جهة، وبسبب اتخاذها قرارات غير مدروسة، هيْمَن عليها هاجس ضمان مصالح لوبيات قطاع التعليم الخاص الذي يستهدف الربح من عملية التمدرس، إلى جانب قصوره عن تنفيذ التزامه بتحقيق الأهداف التي سطرتها البرامج الأممية للقضاء على الأمية، والخصاص الذي يعرفه القطاع في الأطر التربوية والإدارية نتيجة وصول أعداد مهمة لسن التقاعد وتزايد حالات الإحالة على التقاعد النسبي وعدم تخصيص مناصب مالية للقطاع، وإقرار نظام هش للتوظيف بالتعاقد كبديل لها.

وسجلت الجمعية، الإبقاء على نفس المناهج والبرامج الدراسية التي لا تتلاءم وقيم حقوق الإنسان، والتضييق على أنشطة الأندية الحقوقية، وإقامة اتفاقيات مع جمعيات معروفة بولائها للصهيونية، ومنع أنشطة التثقيف الحقوقي وسط التلاميذ مما أدى إلى تفشي ظاهرة العنف ضد هيئة التدريس والتطبيع معه في الوسط المدرسي. إضافة إلى ضعف اكتساب تلامذة التعليم العمومي للكفايات الأساسية في مواد اللغات والرياضيات، واتساع دائرة الهدر المدرسي والانقطاع عن الدراسة، والإجهاز على المدرسة والجامعة العموميتين عبر ضرب المجانية، وفرض الخوصصة التدريجية والإعلان عن توجه استراتيجي للشراكة مع القطاع الخاص.

وعبرت الجمعية، عن استبكارها تسييد المقاربة الأمنية والقمعية اتجاه الاحتجاجات والأشكال النضالية للحركة الطلابية بالاستعمال المفرط للقوة واقتحام الحرم الجامعي من طرف القوات العمومية لتفريق المظاهرات والاعتصامات في العديد من الجامعات مع ما يرافق ذلك من اعتقالات وتعنيف للطلاب يصل حد الاعتداء الجسدي والتعذيب والمتابعات والمحاكمات.

تدهور الخدمات الصحية

سجل التقرير، تدهور الخدمات الصحية وتراجع الوصول للعلاج بالنسبة للمواطنين والمواطنات، وإفلاس المنظومة الصحية وفشلها في تأمين الحماية الواجبة للمواطنين؛ حيث ما زال يتم تسجيل حالات متعددة لنساء يضعن في شروط مهينة، ووفيات بسبب الإهمال وشروط العمل المتردية في المستشفيات، وارتفاع نصيب النفقات الذاتية من جيوب الأسر المغربية من النفقات الإجمالية على الرعاية الصحية.

وأشار حقوقيو الجمعية، إلى النقص الحاد في الموارد المالية والبشرية، وهشاشة البنيات التحتية، والنقص في الأدوية والتجهيزات، وسوء التسيير والتدبير، وتخلي الدولة عن مسؤوليتها الأساسية في ضمان الحق في الصحة للجميع، ويظهر ذلك في ضعف الميزانية المرصودة، والصفقات غير الشفافة، إلى جانب التفاوت الحد بين الجهات وداخل الجهات في توزيع الأطر الطبية والتمريضية وعدم التناسب ما بين نمو السكان وعدد الأطباء، بالإضافة إلى النقص في التخصصات ذات الأولوية.

كما سجل التقرير، ضعف نظام التأمين الإجباري عن المرض وجهل مصير باقي المواطنين، الذين كانوا يعانون مع بطاقة راميد، إثر إلحاقهم بشكل إلكتروني بصندوق الضمان الاجتماعي للاستفادة من التغطية الصحية

ونددت الجمعية، بضعف مراقبة الدولة للمرافق الصحية المتعلقة بالقطاع الخاص، مما جعل المواطنين/ات عرضة للابتزاز والمضاربات التي تستنزفهم مادي، والإهمال الشديد للمرضى المصابين بأمراض عقلية ونفسية، وضعف البنيات الاستشفائية، والنقص الحاد في الأطر الطبية المختصة في هذا المجال.

الطابع الرسمي للغة الأمازيغية 

وبخصوص وضعية الحقوق الثقافية واللغوية، سجلت الجمعية عدم تلاءم القانونين التنظيميين المتعلقين بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وكيفيات إدماجها في التعليم وفي الحياة العامة ذات الأولوية وبالمجلس الوطني للغات لا يتلاءمان مع المرجعية الأممية ذات الصلة.

وأكدت الجمعية، أن الدولة المغربية لم تلتزم بتطبيق المعاهدات الدولية، ذات الصلة، على أرض الواقع،مسجلة غياب رؤية استراتيجية للدولة على المستوى الثقافي، وضعف البنيات التحتية، أو انعدامها في العديد من المناطق وهزالة الميزانية المخصصة للنهوض بالمجال الثقافي، ومحاربتها للثقافة الجادة والتضييق على حرية الكتابة والإبداع.

وأبرزت الجمعية، أنه ما زال العديد من الفنانين والمبدعين محاصرين وممنوعين من الإعلام والفضاء العموميين، كما تجري محاصرة بعض الكتاب ومنع كتبهم من التداول أو من العرض في المعارض.

وخلصت الجمعية، إلى أن واقع الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية يعاني من مشاكل عديدة، أهمها شكلية وارتجالية تدريس اللغة الأمازيغية ؛ تغييب اللغة الأمازيغية في برامج محو الأمية؛ شبه الحظر المضروب على الأسماء الأمازيغية؛ فلكلورية التعاطي مع اللغة الأمازيغية في الحياة العامة، مما جعلها ضحية لكل أشكال التمييز والتشويه والتحقير في مؤسسات الدولة سواء القضائية أو الاستشفائية أو الإعلامية؛ الإحساس بالاغتراب والاستلاب الثقافي لدى الطفل المغربي الأمازيغي؛ ضعف الاهتمام باللغة الأمازيغية في الإعلام، وتنكر قنوات القطب العمومي لها لغة وثقافة؛ غياب الإرادة وضعف الإجراء ات الملموسة والجدية لدى الدولة لتثمين الموروث الثقافي الأمازيغي والحفاظ عليه؛ والتبخيس والفلكلرة اللذان يمسان الفن الأمازيغي.

المصدر: صحيفة لكم المغربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى