تقرير أميركي يسلط الضوء على واقع الأقليات الدينية بالجزائر
أعاد تقرير صادر عن “اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية” تسليط الضوء على واقع الأقليات الدينية في الجزائر، مشيرا إلى “قمع حرية المعتقد”، و”تعارض” بعض القوانين المحلية مع “الحماية القانونية الدولية لحرية التدين”.
وأكد التقرير، وهو عبارة عن ورقة تعريفية عن البلد، أن القانون الجزائري ينظم التعبيرات الدينية والعقدية من خلال آليات قانونية عدة، بما في ذلك قانون العقوبات والأمر 06-03 المتعلق بتنظيم المنظمات غير الإسلامية.
وأضاف أن “بعض هذه الأحكام، بما في ذلك قوانين مكافحة التجديف والتبشير، تتعارض مع الحماية القانونية الدولية لحرية الدين أو المعتقد”.
وخلال السنوات الماضية، “عمدت الحكومة الجزائرية إلى تطبيق هذه القوانين بشكل متزايد، وسجنت بعض الأفراد بتهم التجديف والتبشير، كما تم تفسير مبادئ قانونية أخرى بطرق تنتهك حقوق الجزائريين في العبادة”، يقول التقرير.
وتحدثت “اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية” عن التركيبة الدينية للسكان، لافتة إلى أن نحو 99 في المائة من الجزائريين مسلمون سنّة، ونسبة 1 في المائة المتبقية (حوالي 440 ألف شخص) تتكون من أفراد يُعرّفون أنفسهم بكونهم مسيحيين ويهود ومسلمين أحمديين وشيعة ومسلمين إباضيين أو غير مؤمنين.
وأوضحت أن الدستور الجزائري يعتبر الحق في الرأي “مصوناً” ويحمي أيضاً الحق في العبادة إذا مورست وفقاً للقانون، كما أن الجزائر صادقت على الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية في عام 1989.
وتمنح المادة 18 من هذه الاتفاقية – يقول المصدر نفسه – لجميع الأفراد “الحق في إظهار دينهم أو معتقدهم من خلال العبادة والممارسة والاحتفال والتعليم، سواء بشكل فردي أو جماعي، وكذلك في الأماكن العامة أو الخاصة”.
لكن “العديد من القوانين المحلية في الجزائر تهدد هذا الحق الذي يحميه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك القوانين التي تجرم التجديف والتبشير والقوانين المنظمة للعبادة”.
وتابع التقرير أن “تطبيق هذه القوانين ضد الأقليات الدينية والمعارضين، والذي ازداد في السنوات الأخيرة، يشكل انتهاكاً صارخًا للحرية الدينية الدولية على النحو المحدد بموجب القانون الدولي”.
ولفت إلى أن الحكومة الجزائرية وجّهت في السنوات الأخيرة “تهماً بالتجديف إلى عدة أفراد، بمن فيهم مسيحيون ومسلمون ومفكرون أحرار”.
إغلاق كنائس
وذكر التقرير أن “الحكومة رفضت الإقرار باستلام طلب تسجيل الرابطة الإنجيلية البروتستانتية (EPA) وأجبرت ما لا يقل عن 16 كنيسة على الإغلاق بسبب وضعها غير المسجل”، مشيرة إلى أن “التمييز في تطبيق القيود التي تنظم العبادة أدى إلى انتهاك حقوق العديد من الأقليات الدينية في الجزائر، وخاصة البروتستانت الإنجيليين والأحمديين”.
ودعت اللجنة الحكومة الأميركية إلى الاستمرار في إدراج الجزائر على قائمة “المراقبة الخاصة” للحكومات التي شاركت في “الانتهاكات الجسيمة للحرية الدينية”.
كما حثت أيضا على “تشجيع الحكومة الجزائرية على تجنب تكرار أخطاء الماضي”، وأنه “ينبغي على الحكومة الأميركية دعم السلطات الجزائرية في سن إصلاحات سياسية مصممة على مراحل لجعل القانون والممارسات الجزائرية متوافقة مع المعايير القانونية الدولية”.
وأصدرت “اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية” أوراق تعريفية عن بلدان أخرى تشهد مضايقات لحرية التدين مثل أفغانستان والبحرين والصين وكوبا والهند وأندونسيا وإيران وغيرها من الدول.
ولا يوجد أي بلد مغاربي آخر غير الجزائر في قوائمها الحالية لوضع التدين في بلدان شمال أفريقيا.
دعوات لتوسيع هامش حرية التدين
وليست هذه أول مرة تتعالى فيها الأصوات الحقوقية المطالبة بتوسيع هامش حرية التدين في الجزائر.
فقد عاد هذا الموضوع إلى الواجهة إثر قيام السلطات، في سبتمبر الماضي، بإنهاء نشاط جمعية كاريتاس الخيرية، الذراع الخيرية للكنيسة الكاثوليكية في البلاد.
ويعد ملف “حرية المعتقد”، ونشاط الجمعيات المسيحية والأحمدية من القضايا الشائكة التي تثير تغطية إعلامية وتنديدا حقوقيا مستمرا.
ففي مطلع سبتمبر، اتهمت منظمة العفو الدولية (أمنيستي)، السلطات الجزائرية باعتقال وملاحقة أحمديين، منتقدة محاكمتهم بسبب معتقدهم الديني.
كما حذر تحالف إنجيلي عالمي، في الفترة نفسها، من “تدهور” الحرية الدينية في البلاد. واتهم السلطات بـ”إغلاق” العديد من الكنائس.
وفي يونيو الماضي، رصد تقرير لوزارة الخارجية الأميركية وضعية الحريات الدينية في الجزائر، لافتا إلى “إلغاء المادة التي تنص على حرية الضمير في الدستور الذي دخل حيز التنفيذ نهاية عام 2020″، وإلى مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى “مزيد من اضطهاد الحكومة للأقليات الدينية”.
ونقل تقرير الخارجية الأميركية عن منخرطين في ممارسات دينية غير الإسلام السني أنهم “تعرضوا للتهديدات والتعصب”، مشيرا بالأساس إلى الأحمديين والشيعة.
لكن السلطات تبرر قراراتها باتباع قوانين البلد، وأن من مسؤوليتها أن تحمي الدولة من “الانقسام” و”التهديدات الأمنية”، التي “تشكلها” مثل هذه الأقليات.
وبخصوص الأحميديين، ترى السلطات أن عليهم أن يعترفوا بأنهم “غير مسلمين”، قبل أن ينالوا حماية الدولة كأقلية دينية كباقي الأقليات.
المصدر: أصوات مغاربية