القمة العربية من منظور تاريخي !
للحديث عن القمة العربية بالجزائر هناك حقائق يجب الوقوف عليها وتساؤلات يجب الرد عنها. هل يمكن أن نبني مستقبل زاهر بوقائع مزيفة؟ هل فعلا هناك مقومات مشتركة بين دول المغرب والمشرق العربي حتى نأمل في إنجاح الدورة؟
فمن الناحية التاريخية إن دول المغرب الكبير وشمال إفريقيا لم يقبلوا يوما بهذه القومية الخرافية المصطنعة المزيفة، فالإسلام شيء والقومية العربية شيء آخر. فهذه الأخيرة بعيدة كل البعد عما يسمي بالحضارة الإسلامية التي لم يكن أن تكون لولا إنجازات ومساهمات الفرس والأمازيغ والسريان والكنعان وغيرهم كثر.
هل تعلم أنه وفي عام 740م شن الأمازيغ ثورة عارمة على الدولة الأموية والتي دامت ثلاثة سنوات، وهي من كانت سبب انفصال المغرب الكبير أو شمال إفريقيا سياسيا عن المشرق. وهو ما أدى إلى سقوط الدولة الأموية على يد العباسيين. وكان سبب الانفصال هو ما كان تقوم به الدولة الأموية على راسها مالكها هشام ابن عبد المالك من تميز وعنصرية وإقصاء ضد سكان شمال إفريقيا المسلمين عن طواعية. رغم أنا الأمازيغ شاركوهم في جميع الحروب التي قادتها الدولة الأموية وكانوا سبب جميع الانتصارات إلى أنهم عانوا الأمرين. وبما أن الأمازيغ كانوا فعلا يشكلون حضارة حقيقية فانتهجوا سياسة الحوار قبل الحرب وقاموا بإرسال وفد يترأسه ميسرة المدغري وهو من قبائل الزناتة من المغرب الأقصى إلى الخليفة الأموي بالشام، هذا الأخير الذي رفض استقبالهم أين تركوا له شكوى لوزير الخليفة أبرز الكيلابي.
أهم ما جاء فيها أن الخليفة يقدموهم في الحروب ويأخر جنوده، يأخذ كل الغنائم، ويقتل ماشيتهم، ويأخذون أجمل نسائهم. فقالوا له نحن لم نجد هذا لا في الكتاب ولا في السنة. فهل أمير المؤمنين يعلم هذا وما رأيه في ذلك؟؟ لكن كان سكوت الأمير رفض الاستقبال والسماع لشكوى سببا حقيقيا في معركة انطلقت من المغرب الأقصى إلى جميع دول شمال إفريقيا ووصلت حتى إلى الأندلس رغم إرسال الخليفة أكثر من 12 ألف جندي إضافي بقيادة كلثوم ابن عياض إلا انهم انهزموا شر الهزيمة على يد الأمازيغ. يقول ابن خلدون أن هذه المعركة كانت من بين أهم المحطات في تاريخ الأمازيغ في الدفاع عن أرضهم لكن لم تكون الأولي وليست الأخيرة.
هكذا بقيت هذه الأفكار ببقاء المستعمر في أرض المغرب الكبير. فعندنا مثلا فالأزمة البربرية في الحركة الوطنية سنة 1948 كان سببها اتصال مصالي الحاج بالسياسيين العرب بالمشرق للمساعدة في استقلال الجزائر أين اشترط ههؤلاء تبني القومية العربية فوافق مصالي واقصى المكون الأمازيغي. وبدأ في تصفية معارضيه من القائلين الجزائر جزائرية خاصة من سكان منطقة الأوراس ومنطقة القبائل، كبناي علي وحسين أيت أحمد الذي أزيح من المنظمة الخاصة وتم استبداله بابن بلة وغيرهم من الشخصيات السياسية و حتى العسكرية. فمن هذه الناحية التاريخية فقط يمكن القول إن تحدي هذه الحقائق لعقد الدورة في الجزائر ونجاحها هو ضرب من الخيال والجنون.
هكذا تبقى دول المغرب وشمال إفريقيا فريسة في يد الجميع فأهداف هذه المبادرات أكثر مما يتصوره البعض لأنها في الحقيقة ليست لغرض الاتحاد ولا لتحرير فلسطين ولا لخلق القطيعة مع الغرب وإسرائيل. بل هدفها هو نشر القومية العربية المزيفة فكل الدول المشاركة مطبعة مع الكيان الصهيوني والجزائر التي تحتضن الدورة أصبحت مقاطعة لرؤساء ووزراء فرنسا خاصة والغرب عامة يصلون ويجلون. ينهبون ويأخذون من أرضنا ما يشاؤون فلا عليهم حسيب ولا رقيب.
فنحن نريد أن نكون زعماء لخرافة مزيفة باسم الاتحاد وفي صلبها إلا الإقصاء والتفرقة والشتات، فليس بقمتكم العربية تطمسون حضارات عريقة ضاربة في عمق التاريخ. فمن لم يعرف من يكون فإنه حتما لا يمكن له أن يكون فبالله عليكم كفاكم من تزيف التاريخ وتزوير الحقائق.
بقلم المحامي عابد صوار