بالفيديو. صحافية فرنسية تكشف عن تفاصيل اعتقالها أثناء فترة الحراسة النظرية على خلفية نشرها تحقيقات استقصائية
قالت الصحفية الفرنسية، أريان لافريو، من موقع “ديسكلوز” الفرنسي، المتخصص في الصحافة الاستقصائية، إنها عاشت ليلة “مرعبة للغاية” و”جد صعبة” رهن الحراسة النظرية في بلدها فرنسا، على على خلفية تقرير نشر قبل عامين وجاء فيه، أن السلطات المصرية أساءت استغلال معلومات استخباراتية قدمتها باريس للقاهرة.
وكشف الصحفية الفرنسية في تصريحات لمنظمة “مراسلون بلاحدود”، أن الشرطة والمخابرات منعتها طيلة ليلة احتجازها من الدواء ومن الماء مما حرمها من النوم وسبب لها أرقا “فظيعا” بالرغم من العياء الشديد والألم الذي كانت تعاني منه.
وأوضحت الصحفية، أن عناصر من المخابرات بمعية قضاة، (يُفترض أنهم مكلفين بقضايا مكافحة الإرهاب)، قاموا بتفتيش منزلها، يوم الثلاثاء 19 شتنبر الجاري، على الساعة 6:05 صباحا، وتم حجز كل المتعلقات ومعدات العمل الخاصة بالصحفية (حواسيب، هواتف، مفاتيح..)، قبل أن تقوم عناصر المخابرات، باستخراج جميع البيانات من كل المعدات الإلكترونية الخاصة بالصحفية، عبر استخدام البرامج السيبرانية الخاصة باختراق المحتويات.
وأضافت الصحفية أنها تعرضت لاستنطاقها في الصباح عدة مرات من طرف عناصر المخابرات عن عملها الصحفي، لكنها قالت إنها التزمت الصمت، كحق يخوله لها القانون، طيلة التحقيقات.
وأردفت الصحفية، أن عناصر المخابرات، خلال استنطاقها، كانت تهتم بالتحقيقات الصحفية التي أنجزتها عن بيع فرنسا للأسلحة إلى عدد من دول الشرق الأوسط، وكانت تسأل عن كيفية حصولها على معلومات تهم مواضيع حساسة تخص الجيش الفرنسي.
وأشارت إلى أن عناصر المخابرات، كانت تطرح على الصحفية أسئلة تحمل في طياتها نبرة تهديدية، من قبيل: “هل الحق في الحصول على المعلومة أسمى من أسرار الدفاع الوطني؟” الأمر الذي اعتبرته الصحفية أسلوبا من أساليب التلاعب الذي تلجأ إليها المخابرات لإخضاع المستنطقين.
وأكدت الصحفية، أن قرار وضعها رهن الحبس الاحتياطي لم يأت فقط لترهيبها، بل لترهيب كافة الصحفيين الذين يرغبون في ممارسة عملهم الصحفي على أكمل وجه، معربة عن تخوفها وقلقها من توجيه تهمة لها خلال الأيام المقبلة.
مراسلون بلا حدود تطالب بحماية مصادر الصحفيين
من جهتها قالت منظمة “مراسلون بلا حدود” في بيان لها، نشرته على موقعها، إن “اعتقال الصحفية الاستقصائية أريان لافريلو، وتفتيش منزلها أظهر أوجه القصور في القانون الفرنسي بشأن حماية سرية المصادر”.
وأضافت المنظمة أن “هذه القضية، تفتيش منزل الصحفية وتفتيش الكمبيوتر بقرار من قاضي التحقيق، واستجوابها من قبل المديرية العامة للأمن العام للحصول على معلومات حول مصدر ما كشفت عنه، وتوجيه الاتهام المحتمل لها في المستقبل، هي دليل على ضعف الضمانات التي يستفيد منها الصحفيون لحماية مصادرهم بموجب القانون الفرنسي”.
وينص قانون الصحافة الفرنسي على أنه “لا يجوز بأي حال من الأحوال إجبار الصحفي على الكشف عن مصدره”. كما ينص على أنه “لا يمكن إدراج البيانات المختومة أثناء التفتيش في الملف إلا بإذن من قاضي الحرية والاحتجاز”. ومع ذلك، فهو يسمح للمحققين بتقويض “سرية المصادر بشكل مباشر أو غير مباشر” إذا كانت “الضرورة القصوى للمصلحة العامة” تبرر ذلك.
بداية القصة
وتعود بداية هذه القصة إلى نوفمبر 2021، عندما نشر موقع “ديسكلوز” الاستقصائي تقريرا قال فيه، إن القاهرة حوّلت وجهة استخدام معلومات تمدها بها المهمة الاستخباراتية الفرنسية “سيرلي”، التي بدأت عملها في فيفري 2016 لصالح مصر، وذلك بدعوى مكافحة الإرهاب.
وبالتحديد فقد استغلت مصر مساعي المخابرات الفرنسية لتعقب “جهاديين مسلحين”، كي تنفذ ضربات جوية على مركبات يشتبه أنها تخص مهربين على الحدود المصرية الليبية.
ونشر موقع ديسكلوز عشرات الوثائق السرية التي قال، إنها تظهر سوء استخدام المعلومات المخابراتية المقدمة إلى مصر، علما بأن الموقع نفسه كان قد سبق له نشر تقارير عدة عن تعاملات سرية أخرى بين باريس والقاهرة.
وتضمنت الوثائق ما يُعتقد أنها رسائل مزعومة من مشاركين في تلك العمليات، ينبهون رؤساءهم إلى إساءة استخدام معلوماتهم لقصف مدنيين.
وحسب تلك الوثائق فإن، “القوات الفرنسية قد تكون ضالعة في ما لا يقل عن 19 عملية قصف على مدنيين، تمت في الفترة بين 2016 و2018” في هذه المنطقة.
ورغم المخاوف وتحذيرات بعض المسؤولين حول اتخاذ العملية منحى آخر، فإن السلطات الفرنسية لم تعِد النظر في المهمة، وفق ما أورد موقع ديسكلوز نقلا عن وثائق سرية.