صحافيو جريدة ”الوطن“ ينددون بمحاولة كسر إضرابهم من طرف بعض المساهمين
ندد صحفيو وعمال جريدة “الوطن” الناطقة بالفرنسية، بـ “مُحاولة عدد من المساهمين كسر عودتهم للإضراب من خلال السعي لإصدار الجريدة بالقوة”.
وقال بيان للفرع النقابي للجريدة أن” ما أقدم عليه عدد من المساهمين، انحرافًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا لممارسة الحق في الإضراب المنصوص عليه في القانون 90-02 والذي يحظر أي تعيين للعمال عن طريق التوظيف أو غير ذلك، بهدف توفير تعويض العمال المضربين”.
وأوضح البيان، أنه بدلًا من السعي إلى تسوية قضية الأجور غير المدفوعة منذ مارس 2022 ، يسعى صاحب العمل للأسف لكسر حركة الإضراب، بينما جعلت الصحيفة منذ إنشائها الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والمهنية للعمال قضيتها المقدسة”.
والأسوأ من ذلك أن “بعض المساهمين هاجموا بصراحة أمين عام قسم النقابة وأحد أعضاء المكتب، حتى أنهم أرادوا الاعتداء عليهم جسديًا، بحجة التهديد الوهمي ضد اثنين من موظفي الصحيفة، الذين حضروا للمشاركة في هذه المحاولة المؤسفة لانتهاك الحق في الإضراب”، يقول البيان.
وأبرز الفرع النقابي أن ” العمال سيواصلون إضرابهم حتى تلبية مطالبهم المشروعة، وهي دفع الأجور المتأخرة منذ 7 أشهر مع الاحتفاظ بالحق في اتخاذ الإجراءات القانونية”.
وكان قد قرر أعضاء الجمعية العامة لعمال وصحفيو ”يومية الوطن“، المنعقدة الأربعاء الماضي، العودة إلى الإضراب المفتوح عن العمل بداية من اليوم الجمعة.
وجاء هذا القرار بعد “عدم تسوية أي من المشاكل المطروحة منذ أن قرروا توقيف إضرابهم الدوري ومنح الإدارة مهلة شهر لإيجاد حلول لأزمة أجورهم العالقة منذ شهر مارس الفارط”.
وكان قد قرر عمال وصحيو يومية الوطن، في 15 أوت المنصرم، “تعليق إضرابهم المفتوح عن العمل، للسماح بعودة نشاط للمؤسسة وعودة الوطن إلى قرائها، رغم عدم حل مشكل الأجور المتأخرة منذ قرابة ستة أشهر”.
وقد عادت صحيفة الوطن إلى أكشاك البيع بدءاً من 17 أوت عقب قرار موظفيها العودة للعمل لشهر واحد من أجل منح الوقت لإدارة الصحيفة للتوصل إلى مخرج للأزمة. إلا أنه لم تتم حل أي من المشاكل التي كانت سبباً في هذه الأزمة، وهي الأجور المتأخرة منذ 06 أشهر.
وقال صحفياً يشتغل بجريدة الوطن منذ 15 سنة، لمنظمة مراسلون بلا حدود، ”أن الموظفين ولاسيما الصحفيون لم يحصلوا على رواتبهم منذ مارس الماضي”. ويعود السبب إلى “تجميد حسابات الصحيفة لدى أحد البنوك، وهو بنك القرض الشعبي الجزائري، لعدم دفع مستحقات الديون“.
وتعاني صحيفة الوطن من مشاكل مالية كبيرة، فبحسب موقع “توالى” الإخباري، فإن ”الصحيفة مدينة بإجمالي 45 مليون دينار إلى مصرف القرض الشعبي الجزائري و55 مليون دينار ضرائب“.
فيما ينظر مجلس إدارة شركة المساهمة المالكة للصحيفة أن ”الأمور تعود إلى عوامل خارجية عن إرادتها، وأنها تعمل منذ شهور على التوصل إلى حلول مع سلطات الضرائب والمصرف الرئيسي للشركة، ومصرف القرض الشعبي الجزائري، التي جمّدت كافة حساباتها المالية”. كما أنها ”ناشدت في العديد من المرات السلطات العامة بدون جدوى“.
وتتلقى صحيفة الوطن منذ سنوات ”تهديدات بالغلق“ تحدث عنه “وزراء في الحكومة“ بسبب ”ميل خطها لنهج المعارضة التقدمية، وانتقادها الجريء للحكومة“. ولم تتمكن حتى اليوم من الانتقال إلى مقرها الجديد الذي تم بناؤه خصيصاً لها نتيجة عقبات وضعتها السلطات المحلية. كما لا تزال عرضة لمقاطعة الوكالة الوطنية للنشر والإعلان، وهي الهيئة العامة التي توزع الإعلانات على الصحافة الوطنية.
وقال بهذا الخصوص خالد درارني، ممثل منظمة مراسلون بلا حدود في شمال أفريقيا: أن ”اختفاء صحيفة الوطن سيكون بمثابة انتكاسة للصحافة الجزائرية لا يمكن تجنبه. يوجد حل لهذا الأمر في حال أظهرت كافة الأطراف المعنية في الأزمة حسن نية. قتل الصحافة المهنية لن يعود على الجزائر بأية فائدة. يجب التعامل مع صحيفة الوطن كأي شركة تواجه مصاعب ويتوجب إفساح المجال أمامها لإعادة جدولة ديونها“.
وترى منظمة مراسلون بلا حدود، إلى أن ”معظم مفاتيح حل الأزمة تبقى بيد السلطات الجزائرية“. إذ عليها ”أولاً إيقاف التلاعب بآليات تخصيص الإعلانات بناء على أهداف سياسية“، ومن ثم عليها ”معاملة صحيفة ”الوطن” كأية شركة متعثرة، وتسمح لها بالتفاوض على إعادة جدولة ديونها“. وإلا ”ستكون الحكومة مسؤولة عن المساهمة في اختفاء صحيفة أخرى، وجعل صحافييها عاطلين عن العمل“.