روسيا.. سحب ترخيص جريدة موراتوف الحاصل على جائزة نوبل للسلام
ألغت محكمة روسية، الاثنين، رخصة النشر العائدة إلى النسخة الورقية من صحيفة “نوفايا غازيتا” والتي تعتبر ركن الصحافة الاستقصائية في روسيا، بعد أن أُجبرت على تعليق صدورها منذ مارس الماضي مع سعي الحكومة إلى إسكات الأصوات المنتقدة للحرب في أوكرانيا.
وأواخر مارس أعلنت صحيفة “نوفايا غازيتا” تعليق نشر محتواها بنسختيها الإلكترونية والورقية حتى انتهاء الغزو الروسي لأوكرانيا، بعد أن أقرّت روسيا تشريعا يفرض عقوبات سجن مشدّدة ضدّ كلّ من ينتقد عملية الكرملين العسكرية في أوكرانيا.
وكتب رئيس تحرير الصحيفة ديمتري موراتوف آنذاك في رسالة موجّهة إلى قرّاء الصحيفة “ليس هناك حل آخر”.
وقالت الصحيفة عبر تلغرام إنّ “محكمة باسماني في موسكو اعتبرت أنّ رخصة تسجيل النسخة الورقية لـ’نوفايا غازيتا’ (كوسيلة إعلامية) غير صالحة”.
وحاز موراتوف في 2021 على جائزة نوبل للسلام.
ويأتي ذلك بعد وفاة ميخائيل غورباتشوف، آخر زعيم للاتحاد السوفياتي السابق، الأسبوع الماضي عن 91 عاماً، والذي اعتبر داعماً تاريخياً لـ”نوفايا غازيتا”. وتقدّم موراتوف، يوم السبت الماضي، موكب جنازة غورباتشوف.
وأكّدت محكمة باسماني هذا القرار، في بيان، والذي جاء ردّاً على شكوى قدّمتها هيئة مراقبة وسائل الإعلام الروسية نهاية يوليو الماضي.
وفي شكويين أخريين قدمتا أيضاً في يوليو الماضي طلبت هيئة المراقبة إلغاء ترخيصي موقع إلكتروني ومجلة جديدة تابعة لـ”نوفايا غازيتا”. وسينظر القضاء الروسي فيهما خلال هذا الشهر.
أمّا في جنيف، فقد أعربت الأمم المتحدة عن “قلقها البالغ” حيال قرار المحكمة، وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان رافينا شمدساني، في بيان، إنّ هذا الحكم يشكّل “ضربة جديدة لاستقلال وسائل الإعلام الروسية التي سبق أن تبدّلت أنشطتها بسبب القيود القانونية وعمليات المراقبة المتزايدة للدولة، والتي فرضت إثر هجوم روسيا الاتحادية على أوكرانيا”.
ونهاية مارس الماضي، قرّرت “نوفايا غازيتا” التي كانت تنتقد النزاع في أوكرانيا تعليق صدورها الإلكتروني والورقي، خشية التعرّض لعقوبات في روسيا. وأدّى ذلك إلى توقف طبع الصحيفة منذ أشهر.
وتأخذ السلطات على الصحيفة أنّها انتهكت القانون، كونها لم تحدّد بوضوح في مقالاتها المنظمات والأفراد الذين يعتبرون “عملاء للخارج”.
وتأسّست الصحيفة في 1993، وعُرفت بتحقيقاتها عن فساد النخب الروسية وانتهاكات حقوق الإنسان، وخصوصاً في الشيشان. وقد قتل ستة صحافيين من فريقها منذ التأسيس.
يتزايد الضغط على وسائل الإعلام الروسية، إلّا أنّ الهجوم الروسي على أوكرانيا منذ فبراير/ شباط الماضي أدّى إلى تسارعه. وتمّ حجب عشرات المواقع الإعلامية، كما فرّ عددٌ كبيرٌ من الصحافيين من البلاد.
وحُكم، يوم أمس الاثنين، على الصحافي الروسي السابق إيفان سافرونوف المتخصّص في قضايا الدفاع، بالسجن 22 عاماً بتهمة “الخيانة العظمى” في قضية يصفها هو بالانتقامية.
الصحفي ديمتري موراتوف كان قد باع جائزة نوبل للسلام لدعم أطفال أوكرانيا
في مزاد علني، جرى شهر جوان الماضي، في مدينة نيويورك الأميركية، باع ديمتري موراتوف رئيس تحرير صحيفة “نوفايا غازيتا” (Novaya Gazeta) الاستقصائية الروسية جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها العام الماضي بمبلغ 103.5 مليون دولار.
وقد طرح موراتوف جائزته في المزاد لجمع الأموال للأوكرانيين الذين تحولوا إلى لاجئين جراء حرب الرئيس فلاديمير بوتين، حسبما أفادت وكالة بلومبرج للأنباء.
وأعلنت دار “هيريتدج أوكشن” التي نظّمت المزاد أنّ الميدالية اشتراها عبر الهاتف مزايد لم تكشف عن اسمه، مشيرة إلى أنّ عائدات المزاد ستذهب إلى مهمة منظمة اليونيسف الخاصة بالاستجابة الإنسانية للأطفال الأوكرانيين النازحين بسبب الحرب.
ونال موراتوف الجائزة في 2021 بالاشتراك مع الصحافية الفيليبينية ماريا ريسا، وقد كرّمتهما لجنة نوبل يومها على “جهودهما في حماية حرية التعبير”.
قتل واعتداء
وفي أبريل/نيسان الماضي تعرّض موراتوف لاعتداء في قطار عندما ألقى أحد الأشخاص عليه دهانا ممزوجا بمادة الأسيتون، مما تسبب بإصابته بحروق في عينيه.
ومنذ عام 2000 قُتل 6 من الصحفيين والمتعاونين مع صحيفة “نوفايا غازيتا” في جرائم تتعلق بعملهم، وبينهم الصحفية الاستقصائية آنا بوليتكوفسكايا، وقد أهداهم موراتوف جائزة نوبل عند تسلمها.
والعام الماضي صرّح موراتوف أن “هذه الصحيفة تعرض حياة الناس للخطر”، وأضاف “لن نغادر إلى أي مكان”.
وقال الصحفي الروسي البارز في تسجيل فيديو نشرته “هيريتدج أوكشنز” إن الفوز بجائزة نوبل “يمنحك فرصة لسماع صوتك”.
وتابع “الرسالة الأكثر أهمية اليوم هي أن يفهم الناس أنّ هناك حربا جارية الآن وعلينا مساعدة الأشخاص الأكثر تعرّضا للمعاناة”، مشيرا بشكل خاص إلى أطفال في الأُسر اللاجئة.