إيمانويل ماكرون يُكرّم “الحركى”.. ويَعِدُ بمشروع قانون للتعويض لهم
التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه “بالحركى” الذين وقفوا إلى جانب فرنسا خلال حرب التحرير الجزائرية لتكريمهم، أين أعلن عن سلسلة من الإجراءات لمساعدتهم وأولادهم.
وأعلن الرئيس إيمانويل ماكرون صباح الإثنين خلال حفل تكريمي بقصر الإليزيه عن مشروع قانون “تعويض” قبل نهاية العام، وطلب الصفح منهم “باسم فرنسا”.
ووعد ماكرون “قبل نهاية السنة بطرح مشروع يهدف إلى أن نُضَمن قوانيننا اعترافا بالحركيين والتعويض لهم”. وأكد “شرف الحركيين يجب أن يحفر في الذاكرة الوطنية” داعيا إلى “تضميد الجروح التي يجب أن تندمل من خلال كلام يشدد على الحقيقة وبادرات تعزز الذاكرة وتدابير ترسخ العدالة”.
والحركيون مقاتلون سابقون يصل عددهم إلى 200 ألف جندوا في صفوف الجيش الفرنسي خلال حرب الجزائر بين العامين 1954 و1962. ونقل عشرات الآلاف منهم برفقة الزوجات والأطفال إلى فرنسا حيث وضعوا في “مخيمات موقتة” لا تتوافر فيها ظروف العيش الكريم التي تركت ندوبا لا تمحى.
وأضاف ماكرون أن بعض العائلات، لدى وصولها إلى الأراضي الفرنسية بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في 19 مارس/آذار 1962 الذي مهد لاستقلال الجزائر في 5 يوليو/تموز من العام ذاته، “نقلت إلى السجون”، مؤكدا بوضوح أن المخيمات التي وضعت تحت تصرف الحركيين لم تكن “ملاذا لهم بل مكانا صعبا إذ أنهم عانوا المرض والتهميش والعنصرية، فيما أغلقت المدارس أمام أطفالهم” بين 1962 و1970.
أوسمة لقدماء الحركى
خلال حفل الاستقبال، قلد الرئيس ماكرون وساما “لصلاح عبد الكريم” وهو ممثل للحركيين جرح في القتال وللجنرال الفرنسي فرانسوا ميير الذي نظم عمليات إجلاء “مئات الحركيين عاصيا الأوامر” وبورنيا تارال ابنة أحد الحركيين و”الناشطة من أجل مساواة الفرص والتنوع”.
تهدئة الذاكرة
في أيلول/سبتمبر 2018، عرضت سكرتيرة الدولة للجيوش الفرنسية جنفييف داريسيك “خطة الحركيين” البالغة قيمتها 40 مليون يورو على أربع سنوات لتحسين المعاش التقاعدي للمقاتلين السابقين ومساعدة أولادهم الذين يعيشون في أوضاع صعبة.
وأتى طلب الصفح هذا قبل خمسة أيام من اليوم الوطني لتكريم الحركيين الذي يحتفل به منذ 2003 في 25 أيلول/سبتمبر ولا سيما في جنوب فرنسا حيث لديهم تواجد كبير. وختم قائلا إن فرنسا استدركت موقفها و”أدركت الجمهورية آلام الحركى” واعترفت بتضحياتهم.
ويشكل الحركيون وأسرهم اليوم مجموعة تضم مئات آلاف الأفراد في فرنسا ويحاول استقطابهم التجمع الوطني (اليمين المتطرف) واليمين. وكتبت مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا في تغريدة معلقة على كلام ماكرون “سخاء إيمانويل ماكرون الانتخابي لن يصلح عقودا من الازدراء”.
وكان اندماج الحركيين في المجتمع الفرنسي صعبا لأنهم كانوا يعتبرون مهاجرين فيما المهاجرون ينبذونهم. وكان إيمانويل ماكرون أعلن أنه سيتوجه إلى الحركيين عند تسلمه في كانون الثاني/يناير تقرير بنجامان ستورا الذي تناول الحرب في الجزائر التي “تبقى جرحا مفتوحا” على ضفتي المتوسط. فيما أعد مؤرخون فرنسيون بالتنسيق مع جمعيات وممثلين عن الحركى، تقريرا من 188 صفحة عن وضع الحركى وعائلاتهم منذ أن وصلوا إلى فرنسا عام 1962. ويحمل التقرير عنوان “فرنسا تكن الاحترام والتقدير للحركى”، ويتضمن 56 إجراء أبرزها إنشاء “صندوق للتضامن ولمساعدة الحركى” بقيمة 40 مليون يورو هدفه تقديم الدعم المالي للحركى وعائلاتهم وتمويل بعض المشاريع الاقتصادية.
وكان الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة وصف الحركيين في العام 2000 بأنهم “عملاء” منتقدا في الوقت ذاته ظروف إيوائهم في فرنسا لكنه رفض عودتهم إلى الجزائر.