أراء حرةالأخبار

محمد أرزقي فراد: لمّ الشّمل أم حوار وطني شامل؟

دعا رئيس الدولة النخبَ السياسية والمجتمع المدني، في إطار مساعي استكمال بناء “جزائر جديدة”، إلى طرح فكرة ” لمّ الشمل”. والمعروف أن هذه العبارة تفيد جمع شمل أفراد عائلات المهاجرين في مواطن الهجرة، بكيفية تراعي مصالح المهاجرين، دون المساس بحق البلد المستقبل في تنظيم الهجرة.

فماذا تعني هذه العبارة غير المعهودة في القاموس السياسي؟ هل تحمل دلالة اجتماعية واقتصادية فقط، أم لها دلالة سياسية؟ وهل تعني فكرة “لمّ الشمل” الاصطفافَ وراء القيادة الحالية والاكتفاء بدور المساندة للنظام السياسي القائم الذي نجح في تجديد نفسه من خلال ركوب موجة الحراك السلمي؟ أم أن هذه العبارة هي دعوة صادقة إلى حوار وطنيّ شامل تشارك فيه جميع الأطراف الفاعلة (السلطة والمعارضة والمجتمع المدني بكل أطيافه) من أجل النظر في كيفية الانتقال السّلس نحو منظومة سياسية جديدة، تؤسس على القواعد الديمقراطية المعروفة، كالمنافسة الشريفة، والتداول على السلطة، وفصل السلطات، وتحرير القضاء من قبضة السلطة، وحياد الإدارة، وحرية التعبير.؟

إذا كانت النيّة صادقة في بناء “جزائر جديدة”، فعلى السلطة تجسيدها ميدانيا في سلسلة إجراءات التهدئة المعهودة في كل الإصلاحات السياسية في العالم، لعل أبرزها إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، ورفع التضييق على الأحزاب السياسية المعارضة، والاعتراف باستقلالية المجتمع المدني الذي تعتبر وظيفة الرقابة جوهر وجوده، وتحرير منابر الإعلام المتنوّعة من هيمنة السلطة.

بالنظر إلى مبادرة “لمّ الشمل” التي أطلقها رئيس الدولة، كان الرأي العام ينتظر تليين موقف السلطة إزاء الرأي المخالف والتخلي عن شيطنته، على اعتبار أن السياسة هي “سوق للكلام”، حتى قيل إن مصطلح البرلمان مشتق من الكلام( Parlement). وكم كانت الخيبة كبيرة، حين تم الإعلان عن أسماء المسجونين الذين شملهم العفو الرئاسي، دون إدراج معظم معتقلي الرأي، الذين كان ذنبهم الوحيد هو النضال السلمي من أجل بناء منظومة سياسية جديدة ديمقراطية، تنجب دولة قوية!. ومن دواعي الأسف أنني لم أر في الميدان السياسي أيّ مؤشّر دال على نيّة التخلي عن المنظومة السياسية الحالية المترهلة، التي يدرك الجميع أنها منتهية الصلاحية…رغم ذلك أقول: «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!»

محمد أرزقي فراد، كاتب وباحث في التاريخ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى