النص الكامل للتقرير الافتتاحي لدورة المجلس الوطني لحزب العمال، يومي 23 و 24 جوان 2023
اجتمعت بالأمس اللجنة المركزية التي تمثّل القيادة المُنتخبة من قبل المؤتمر في دورة تحضيرية لأول دورة عادية للمجلس الوطني للحزب المُكوّن من ممثلي المكاتب الولائية عبر كامل التراب الوطني وهو الجهاز الاستشاري الذي تمّ تنصيبه في نهاية السنة الماضية.
إنّ هذه الدورة الجامعة للجنة المركزية والمجلس الوطني تجتمع بعد مرور 15 شهر من انعقاد المؤتمر الثامن للحزب وبالتالي هي محطة هامة حيث هي مناسبة لمناقشة الحصيلة على المستوى التنظيمي أي تقييم النتائج المُحصّلة في بناء وهيكلة الحزب انطلاقًا من الأهداف المحدّدة في المؤتمر والتي تمّ التدقيق فيها وتحيينها من قِبل الهيئات القيادية للحزب أي اللجنة المركزية والمكتب السياسي وهو الجهاز التنفيذي، كما علينا أنّ نناقش حصيلة مداخلة الحزب السياسية في ميدان العمل الحزبي كتعبير عن مواقفنا اتجاه التطورات الوطنية والعالمية.
بالفعل، اندلاع الحرب في أوكرانيا في فيفري من سنة 2022 أثار تسارع غير مسبوق لأزمة النظام الرأسمالي، هذه الحرب تفرضها الإدارة الأمريكية وذراعها المسلح الناتو على أذنابها الأوروبيين لتحقيق مآربها السياسية المتمثّلة في تفكيك روسيا ثمّ الاعتداء على الصين منافسها الرئيسي وبلوغ مآربها الاقتصادية لفرض هيمنتها المطلقة في محاولة بائسة للخروج من أزمتها القاتلة، حيث أغرقت أوروبا في أزمة اجتماعية اقتصادية وسياسية غير مسبوقة، هذه الحرب الإدارة الأمريكية توظفها من أجل تسريع وتيرة صناعة الأسلحة ولذلك هي تريد إشراك كل البلدان فيها في حين أنّ هذه الحرب فجّرت تضخمًا قاتلاً على المستوى العالمي جرّاء العقوبات الإجرامية المفروضة على روسيا. هذا التضخم يأخذ شكل حرباً اجتماعية تدفع بأوروبا نحو العودة للقرون الوسطى وتفجّر المجاعة في عشرات البلدان خاصة في إفريقيا وآسيا ويتفاقم الفقر والحرمان في أوروبا والولايات المتحدة بسبب الارتفاع الجنوني والمتواصل لأسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود.
ماذا عن بلادنا؟ هل نحن في مأمن من هذه الحرب و/أو إنعكاساتها؟ هل بلادنا محصّنة ضدّ التهديدات الخارجية التي يوظّف مدبّريها الهشاشات الاجتماعية والسياسية؟
حتى تتمكّن بلادنا من مقاومة الصدمات الخارجية هي بحاجة للتماسك الاجتماعي كنتاج لسياسات اجتماعية واقتصادية مطابقة لتطلعات وحاجيات أغلبية الشعب وبحاجة إلى السكينة الناتجة عن مناخ سياسي ديمقراطي تُحترم فيه الحقوق والحريات الفردية والجماعية وتُوفر فيه شروط المناظرة بين البرامج والأفكار بكل حرية، هي بحاجة إلى الإيمان لدى الأغلبية بأنّ مستقبل أحسن وارد كنتاج لنظرة سياسية اجتماعية واقتصادية واضحة جريئة تجسّد القطيعة مع السياسات التي تسبّبت في المعاناة في السابق وتضع في جدول الأعمال التحول السياسي الديمقراطي الحقيقي تجسيدًا للسيادة الشعبية ولانطلاق مسار تجدّدي، وبرامج إنعاش وإصلاح اقتصادي اجتماعي فعلي مُوجّه نحو إعادة إعمار بلادنا بما يشيّد متراسًا حول سلامتها.
إنّ الأمر يتعلّق بصياغة مخطط إنقاذ وطني ذلك لأنّ التضخم الجنوني في بلادنا الذي يُلهب أسعار المواد الغذائية ومواد النسيج وكل البضائع المُنتَجة محليًا بلغ نسباً مهولة وزاد من حدته التقليص العشوائي للاستيراد الذي بالإضافة للبضائع هو يشمل أيضاً المواد الأولية والمدخلات والآلات وقطع الغيار الذي يترتّب عنه الندرة والمضاربة وخنق الإنتاج واندثار آلاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغلق محلات تجارية بالمئات كما يترتّب عن هذا التضخم انهيار متواصل للقدرة الشرائية أي الاستهلاك ممّا يولّد الكساد الاقتصادي بينما تنفجر البطالة بسببه.
في الواقع وبغض النظر عن النوايا، لا يمكن إنكار أو حجب هذا المنحى التقهقري…ولقد أشار البنك العالمي في تقريره الأخير إلى أنّ نسبة النمو في منطقتنا بما فيها بلدنا في تراجع رغم المداخيل البترولية.
فمن الغرابة بما كان أن يناقض الواقع كلياً تصريحات المسؤولين وكأنّهم لا يتأكّدون من صحة التقارير والأرقام والإحصائيات الرسمية التي تُرفع لهم…ويشمل هذا الوضع أغلبية القطاعات.
فهل يمكن تجاهل مأساة الحرﭭﺔ التي تستنزف بلادنا وتجعلها مُصنّفة مع الدول الإفريقية الأكثر فقراً؟ ألا يتعلّق الأمر بسياسة الهروب إلى الأمام التي تحشر في الزاوية فئات شعبية متزايدة؟
ونحن على أبواب الاحتفال بعيد الاستقلال يوم 5 جويلية والجميع يعلم بأنّ الحق في الصحة والحق في التعليم والعيش الكريم كانا في جوهر الثورة التحريرية فأين نحن من مكاسب الاستقلال؟ في الآونة الأخيرة تتبّعنا بفزع انعدام وسائل التخدير بالنسبة لأطباء الأسنان وبصفة عامة للعمليات الجراحية في المستشفيات ثم سمحت السلطات لخواص باستيراد تلك المواد أي ليست الدولة من قامت بهذه المهمة التي هي ضمن مسؤولياتها الاجتماعية وقد شاهدنا جميعا اللاتنظيم الذي شمل عملية التوزيع وصور الطوابير اللامتناهية لأطباء الأسنان وهي مناظر مؤسفة جداً.
في قطاع الصحة بصفة عامة، من يجهل أنّ النزيف متواصل فيما يتعلّق بمغادرة الأطباء وشبه الطبيين القطاع العمومي بأعداد هائلة يلتحقون بالقطاع الخاص أو بدول أجنبية كون ظروف العمل الغير انسانية بسبب العجز في الوسائل البشرية والمادية متواصل في مستشفياتنا العمومية وتبقى الرواتب زهيدة بالنظر لحجم المهمة وتراجع القدرة الشرائية، فالندرة في الأدوية بما فيه لمرضى السرطان والأمراض المزمنة لا زالت متواصلة وتعاني الهياكل الصحية من تعطّل الآلات الحيوية فالموعد من أجل العلاج من السرطان قد يفوق 6 أشهر أي أنّ المريض يمكن أن يتوفى قبل موعد علاجه هذا في حين كل سنة حسب الاخصائيين يزداد عدد مرضى السرطان بـ 55000 في بلادنا.
يدّعي المسؤولون بأنّ الشعب الجزائري لا يزال يتمتّع بمجانية العلاج فلنوضح، صحيح أنّ الكشوفات الطبية في المستشفيات مجانية عندما يتمكّن المريض من الحصول على موعد عند اخصائي، وصحيح أنّ العمليات الجراحية والإقامة في المستشفيات لا تزال مجانية، لكن كل الوسائل الأخرى الضرورية من أجل العلاج أصبحت غير متوفرة في المستشفيات باستثناء عدد قليل منها أي الأدوية والأشعة والتحاليل وبتكاليف أصبحت في غير متناول أغلبية المرضى. فنسب التعويض عندما يكون مضمون جد هزيلة، هذا الوضع الغير انساني هو الذي يتسبّب في لجوء عائلات مرضى يائسة إلى العنف ضدّ الطواقم الطبية والشبه الطبية. هل وجب التذكير بأنّ صندوق الضمان الاجتماعي يساهم سنويًا بأزيد من 120 مليار دينار من اشتراكات العمال في ميزانية المستشفيات وفي نفس الوقت معاناة أغلبية المرضى وعائلات العمال لا يمكن وصفها؟ فمتى تقوم السلطات بتصويب هذا الوضع من خلال تشخيص دقيق للمشاكل التي تنخره؟
نفس الشيء بالنسبة للحق في التعليم ، نحن نتحدث عن التعليم وليس عن التربية لأنّ التعليم من مسؤولية ومهام الدولة الاجتماعية، في حين التربية مسألة عائلية أي خاصة، ماهي الظروف التي يجري فيها التعليم؟ هل توجد مساواة في الحظوظ مثلما كانت موجودة غداة الاستقلال بين التلاميذ؟ لا يختلف اثنان حول التأكيد على أنّ الفوارق الاجتماعية أصبحت شاسعة وأيضًا الفوارق بين الجهات وحتى ما بين المؤسسات التعليمية داخل الولاية الواحدة. التسرّب المدرسي يتواصل في شكل نزيف غير متوقف وعلى عكس التقارير الرسمية عمل الأطفال يتفاقم أكثر فأكثر في بلادنا لمساعدة الأولياء على مواجهة الهشاشات الاجتماعية التي أصبحت منتشرة أيضًا في قطاع التعليم.
صحيح أنّه تمّ ترسيم 62000 أستاذ متعاقد لكن لا يمكن أن ننسى الظلم الذي لا يزال يطال 5000 أستاذ متعاقد في سلك التعليم بسبب الشرط المُجحف الذي وضعه الوظيف العمومي ووزارة التربية والمتمثّل في التخلّي عن الشهادات الجامعية مقابل الترسيم أي أنّ الوظيف العمومي والوزارات المعنية تُرسّم اللاتنظيم وتكسير الشهادات.
مهمة المدرسة تتمثّل في تكوين المواطن من خلال توفير العلم والمعرفة وتشجيع الفكر النقدي إلاّ أنّه عِوض ذلك نلاحظ انحرافاً خطيراً يتمثّل في إضفاء طابع أيديولوجي على التعليم وتوظيف الدين أي إفراغ المدرسة من طابعها كمؤسسة علمية حصرياً.
نفس الانحراف يطال الجامعة التي يتمّ تحريف مهامها فعِوض أن تكون الحاضنة التي توفر العلم والبحث العلمي وتفتح الآفاق الأكاديمية والعلمية المفتوحة على الكون مثل ما يدل على ذلك اسمها université ، أصبحت مهمة الجامعة تنحصر في إحصاء عدد المشاريع المتعلّقة بالمؤسسات الناشئة والمعروف عنها عالميًا بدءًا بالولايات المتحدة التي هي مهدها أنّ 95% منها لا مستقبل لها علمًا أنّه في بلادنا الأمر يتعلّق بهدر المال العام وبالزجّ بأغلبية حاملي المشاريع في نفق. صحيح أنّ وزارة التعليم العالي أعلنت توظيف 7000 حاملي شهادات ماجستير ودكتوراه ولكن ما هو مصير 18000 المتبقين؟ ولماذا الإصرار على فرض النظام التعاقدي على جزء من المناصب الجديدة؟
إنّ مشروع خوصصة الجامعة العمومية وإلغاء الخدمات الجامعية المعروض للنقاش يعني تدمير الحق في التعليم العالي بالنسبة لأغلبية الشباب أي القضاء على مكسب رئيسي للثورة والاستقلال وبالتالي إلحاق هزيمة بهما.
وبصفة عامة المسار التفكيكي الذي يطال المنظومة التعليمية في كل أطوارها من خلال إصلاحات مضادّة وفوضوية لا متناهية يُشكّل خطراً على حاضر ومستقبل البلد.
أليست هذه الأوضاع بالإضافة إلى البطالة الخانقة وانعدام أفق الانفراج الاجتماعي والسياسي هي المتسبّبة الرئيسية في التفاقم المهول لمأساة الحرﭭﺔ وكأنّنا من ضمن البلدان المخنوقة بالمديونية والتي لا تتوفر على موارد مالية لتلبية الحاجيات الأساسية؟
عشية الاحتفال بـ 5جويلية عيد الاستقلال هل ستعلن السلطات العليا عن إجراءات انفراج سياسي بدءًا بإطلاق سراح معتقلي الرأي والسجناء السياسيين؟ لأنّه بالنسبة للذاكرة الوطنية وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 في إطار ممارسة الشعب الجزائري حقه في تقرير المصير رافقه فتح أبواب السجون ليُطلق سراح المناضلين الوطنيين وأنّ الثورة كان هدفها تحرير الوطن من الاستعمار وتحرير الانسان الجزائري من الاضطهاد والقمع والحرمان .
اليوم في بلادنا وللأسف في مجال الحقوق الديمقراطية لا يمكن لأحد أن ينكر أنّ التعددية الحزبية مخنوقة بواسطة القيود المفروضة على الساحة السياسية والإعلامية ممّا يشكّل حاجزًا أمام النقاش السياسي وبصفة عامة يشلّ الحياة السياسية. إنّ التعددية السياسية لم تولد بعد أكتوبر 1988 إنّما استعادها الشعب الجزائري بعد انتفاضة الشباب الذين دفعوا ثمنًا باهضًا بتقديم أرواح 500 شهيد كقربان لانتزاع الفضاءات الديمقراطية . التعددية الحزبية كانت موجودة في بلادنا حتى تحت الاستعمار ففي سنة 1926 تمّ تأسيس نجم شمال إفريقيا وبدأت في تلك الحقبة تتأسّس تنظيمات سياسية أخرى، نجم شمال إفريقيا هو الذي شرع في تنظيم الشعب الجزائري وتوعيته حول شرعية مطلب الاستقلال ولقد خلفه في تلك المهمة الجبّارة حزب الشعب في سنة 1937 ممّا مهّد لاندلاع الثورة المسلحة سنة 1954، هذا يعني أنّ دور الأحزاب في تأطير المجتمع فيما يتعلّق بالقضايا الوطنية مصيري. إنّ إنكار التعددية الحزبية بعد الاستقلال من قِبل نظام الحزب الواحد صادَر سيادة الشعب أي حقه في المشاركة في اتخاذ القرار فيما يخص الخيارات المتعلّقة بحاضره ومستقبل البلد، ويعلم الجميع كيف تسبّب فيما بعد إبعاد الشعب عن ممارسة سيادته في التقهقر في مختلف المجالات بل وحتى في المآسي وفجّر الفساد والتزلف والمحاباة والمحسوبية..في غياب الشفافية.
واليوم العمل على تدجين الأحزاب يترتّب عنه خنق المجتمع عبر حرمانه من حرية الاختيار بين البرامج ومن الحق في التنظيم المستقل وبما في ذلك الحق في التعبئة والتجنيد دفاعاً عن بلده أي يصبح المجتمع عاجزاً لأنّه مقيّد كالمجنون داخل القميص الجبري، وعليه إغلاق فضاء الحريات الذي يعطّل نوابض الأمة يشكّل خطرًا مميتاً على السيادة الوطنية ومناعة البلد ذلك لكونه ليس فقط يفتح الباب أمام التدخلات الخارجية تحت غطاء انتهاكات حقوق الانسان لكنّه أيضًا يمنع الشعب من التصدّي لتلك التدخلات عبر التعبئة المستقلة، يحدث هذا بينما الوضع العالمي مشحون بالمخاطر المتزايدة على الأمم والأوطان وبلادنا مستهدفة في استقلالية قرارها فيما يتعلّق خاصة بالسياسة الخارجية. مثلما يشهد على ذلك التصعيد الرسمي الغربي حاليًا. في حين هي أساساً تواجه خطر التواجد الصهيوني في حدودنا الغربية وانتشار الإرهاب والجريمة في منطقة الساحل الإفريقي.
إنّ الدولة القوية هي التي ترتكز على الموارد السياسية للشعب ،على ثقته ،على تكوينه السياسي والذي هو من مهام الأحزاب السياسية ، إنها ترتكز على وطنية وفطنة شعب متماسك كونه يتمتّع بحقوق متساوية فيما يتعلّق بالانتفاع بالمرافق العمومية وبممارسة السياسة أي التمتّع بكامل مكونات المواطنة وبتحسّن ملموس لظروفه الاجتماعية. وعليه إرجاع الشروط العادية للممارسة السياسية أصبح أمر استعجالي من أولويات الساعة حيث الأحزاب والنقابات والجمعيات المستقلة هي عنصر نظام تُجنّب بلادنا الانحرافات والفوضى كما أنّ تجفيف كل منابع الضيق الاجتماعي المترتب عن تفاقم الفقر بل البؤس جرّاء الانهيار المرعب للقدرة الشرائية وإغلاق أفق التشغيل من بين شروط الإنقاذ الوطني. حيث ينتشر التفسّخ الاجتماعي بسرعة مهولة مثلما تقرّ الأجهزة الأمنية بتفاقم استهلاك والمتاجرة بالمخدرات ويشهد انتشار التسوّل بما فيها وسط الأجراء في أسفل السلم الذين أصبحوا بأعداد متزايدة غير قادرين على ضمان القوت والعلاج والتمدرس لأطفالهم، على تقدّم الانحطاط الاجتماعي وتحويل فئات شعبية إلى منبوذين ومُسقَطين اجتماعيًا.
هل وجب التذكير أنّ انعدام التعددية الحزبية والحريات وتدهور ظروف معيشة الأغلبية قد سهّل التدخلات الخارجية العسكرية التدميرية الإجرامية التفكيكية في العراق وسوريا وليبيا ومالي…الخ وأنّ نفس المصير يعيشه السودان البلد الجدّ غني بالثروات الطبيعية، فإنكار سيادة الشعوب وحقوقه السياسية والضيق الاجتماعي والفوارق تُهشّش الروح المقاومتية الشعبية.
إنّ احترام التعددية الحزبية والحريات الديمقراطية والنقابية التي يكرسها الدستور الجزائري لا يمكن فصلها عن تقوية ما يسمى بالجبهة الداخلية أي حصانة الأمة بل هي من بين شروطها فعلى سبيل المثال، لتحافظ الدولة الجزائرية على سيادتها فيما يتعلّق بالسياسة الخارجية وتتبنّى موقفًا متميّزاً عن قرارات المُحرضين على الحروب الامبرياليات والناتو وأذنابهم فيما يخصّ الحرب في أوكرانيا، يجب انتزاع كل الذرائع التي تستعمل لممارسة الابتزاز الخارجي على بلادنا وترسيخ حرية التنظيم في الأحزاب والنقابات والجمعيات بكل استقلالية، وبالتالي يجب أن تُلغى ترسانة القوانين التقهقرية المُبيدة للحريات التي تصادر الحق في التنظيم النقابي المستقل، تصادر مواطنة النقابيين، تصادر الحق في الإضراب، وهي تعجّز وتشلّ العمل النقابي بل تقتله وتُسحب من التنظيمات النقابية الحق في الدفاع عن الأمة. مثلما يجب إلغاء قانون الإعلام الجديد الخانق لحرية الإعلام ويجب إلغاء المادة 87 مكرر في قانون العقوبات التي فتحت الباب أمام اللجوء آليًا لتجريم الفكر والعمل السياسيين والإعلاميين وتعريضهما للمقاضاة يجب أن تُلغى كونها حمّالة للجوء للعنف كوسيلة للتعبير عن الرأي وعن التطلّعات والمطالب المشروعة. فنحن نتوجّه للسطات كي تُمعِن النظر وتستخلص العِبر ممّا يدور حوالينا من انحرافات وانزلاقات خطيرة وتصوّب المجرى الحالي في الجانب السياسي والجانب الاجتماعي والاقتصادي لأنّ تصويب الأخطاء علامة قوة بالنسبة للدولة حيث هو يبرهن أنّها تستمع للشعب وتسعى من أجل راحته.
في كل البلدان المسماة بالديمقراطية المعارضة تنتقد القوانين والممارسات الحكومية، تحذر السلطات العمومية من الانحرافات، تقدّم الحلول وهذه هي روح الوطنية بالذات، لأنّ إنكار وتجاهل المشاكل والهشاشات الاجتماعية والمعاناة ومنع كل انتقاد واللجوء للتخويف وتقييد الحريات هي ممارسات تمهّد لانفجار قد لا يمكن التحكم فيه، أي أنّها تنمّي شروط الفوضى وتوفّر المبرّرات للعدوان والتسلّط الخارجيين.
إذن حذار حذار، نحن قلقون لأنّ الحرمان الغير مبرّر الذي زاد عن حدّه يولّد الغضب المتصاعد، فالدفاع عن الاستقلال الوطني، عن السيادة الوطنية يعنى تلبية التطلعات الاجتماعية والسياسية لتقوية مناعة بلادنا بصفة فعلية .
في هذا الإطار ندقّ ناقوس الخطر لأنّ مشروع قانون المالية لسنة 2024 يميّزه تقشّف صارم فرغم وفرة المداخيل 61مليار دولار كاحتياطي صرف و 16 مليار دولار في صندوق ضبط الإيرادات، لا يتضمّن المشروع سياسة تشغيل لإبطال مفعول قنبلة البطالة حيث لا يتمّ استخلاف سوى واحد من أصل 5 مناصب شاغرة وخلق مناصب جديدة لا يتمّ سوى في حالات استثنائية بما في ذلك في العشر ولايات الجديدة التي تفتقد لكل وسائل التنمية ونفس التقشّف يطال المشاريع التنموية…
هذا المشروع لا يستجيب لرهانات الساعة علاقة بالسياق العالمي والإقليمي والقاري ولا لتطلّعات الأغلبية فالعمال ذوي العقود المؤقتة في القطاع الاقتصادي العام منه والخاص تتواصل معاناتهم، ونفس الظلم يطال 5 آلاف متعاقدين خاصة في سلك التعليم، يتقاضوا أجوراً بـ 18000 دج وتمّ تقليصها بـ 4000 دج بالنسبة للبعض الذين تمّ تجديد عقودهم في شهر جوان الجاري…
بينما انهيار القدرة الشرائية يخنق الأغلبية الكبيرة، تعاني فئات عمالية معتبرة من عدم صبّ رواتبها وتحوم الشكوك حول مصير المؤسسات التابعة للقطاع العمومي في حين لا يزال آلاف العمال التابعين لشركات الأوليغارشيين المسجونين يواجهون مصيراً مجهولاً. وكيف نفسّر إلغاء عقود أي تسريح آلاف العمال والإطارات من شركة سونلغاز يتمتّعون بخبرة هائلة وخدموا المؤسسة لأكثر من عقد بل عقدين من الزمن بالنسبة لأغلبيتهم، ما هذا الظلم؟ وما تفسيره؟
نحن لا يمكننا أن نحتقر أو نتجاهل أي إجراء يُقلّل ولو جزئيًا من معاناة فئة منجرحة بل ننادي لمضاعفة الإجراءات الإيجابية وإن كانت محدودة في انتظار الحلول الشاملة التي تضع حدّاً للمعاناة بصفة دائمة وهذا ما يجعلنا نعارض التوجّه الرسمي الحالي كونه يفتّت النسيج الاجتماعي ويفجّر اليأس والعنف الاجتماعي.
نكرّر: هذا التوجّه غير مبرّر، ويجب مراجعته كليًا فبلادنا تخلّصت من المديونية الخارجية منذ حوالي 20 سنة، واستعادت سيادة القرار الاقتصادي والاجتماعي ولسنا مجبرون على المشاركة في مجهود الحرب في أوكرانيا، بالتالي لا شيء يبرّر التقشّف.
يومي 28 و 29 جوان 1990، انعقد بالصنوبر البحري أول مؤتمر علني للمنظمة الاشتراكية للعمال التي كانت تنشط في السريّة منذ سنة 1980 مثلها مثل كل التيارات السياسية التي كانت مُعارضة لنظام الحزب الواحد، المنظمة الاشتراكية للعمال تأسّست في خضمّ الربيع الأمازيغي كجواب تنظيمي وكمحطة في المسار السياسي الذي أطلقه بعد الاستقلال المرحوم المجاهد مصطفى بن محمد مؤسس أول نواة سنة 1965 التي وضعت برنامجًا سياسيًا يتمحور حول النضال من أجل الاشتراكية الحقيقية التي لا يمكن فصلها عن الديمقراطية أي عن سيادة الشعب الذي يمارسها في إطار جمعية تأسيسية… فيكرّس كل الحريات الديمقراطية والمساواة بين الجنسين والحقوق الاجتماعية والملكية الجماعية للأمة الغير قابلة للتصرف. وهذا المسار السياسي جعل مؤسّسيه في سنة 1974 يعلنون عن نضالهم من أجل دسترة ثمازيغت كلغة وطنية رسمية وكانوا الأوائل.
إذن في جوان 1990 اجتمع مناضلون سياسيون واجهوا القمع السياسي في نهاية السبعينيات وخلال الثمانينيات والاعتقالات وحتى التعذيب مع نقابيين وإطارات وعمال مستقلين من تجار صغار وفلاحين وطلبة ومناضلات من أجل المساواة في الحقوق ومتقاعدين وبطالين كلهم كانوا منخرطين في النضالات الاجتماعية والسياسية وقرّروا تأسيس حزب العمال في تلك المناسبة. لكن لماذا اختيار تسمية حزب العمال بالذات؟ الأمر كان يتعلّق بعد نقاش دام سنة كاملة في صفوف المنظمة الاشتراكية للعمال بتأكيد الطابع الطبقي للمجتمع الجزائري مثله مثل باقي المجتمعات أي أنّه مقسّم إلى أقلية غنية وأغلبية تزداد فقرًا كل يوم أكثر ولسنا خاوة خاوة مثلما كانت تدّعي البيروقراطية، ذلك لأنّ نظام الحزب الواحد أنتج فئة من الأغنياء الجدد شكّلوا ثروتهم من المال العام والامتيازات في غياب كل رقابة ديمقراطية وكل تمثيل سياسي شعبي حقيقي منتخب بكل حرية.
منذ ذلك التاريخ انطلقنا في نضال دون هوادة دفاعًا عن مكاسب وإنجازات الاستقلال الوطني، دفاعًا عن القطاع العمومي، عن كل التأميمات، عن المكاسب الاجتماعية أي مجانية الصحة والتعليم ، من أجل الحق في السكن ومناصب شغل قارة ورواتب ومنح تتماشى مع غلاء المعيشة، من أجل الحقوق النقابية واستقلال النقابات، من أجل تحسين القدرة الشرائية، من أجل المساواة في الحقوق وأمام القانون، من أجل ترسيم ثمازيغيت لغة وطنية رسمية، من أجل انتخابات حرّة ونزيهة فعلياً لضمان التمثيل السياسي للشعب، من أجل الديمقراطية الحقيقية. فاستقلالية الجهاز القضائي والفصل ما بين السلطات وطنيًا ومحليًا، من أجل ممارسة الشعب لكامل خاصّيات سيادته أي حقه في تحديد شكل ومضمون المؤسسات التي يحتاج إليها لتحقيق تطلعاته وآماله وبالتالي تحديد طبيعة نظام الحكم ومنظومته.
إنّ كفاحنا من أجل السلم كان في مركز مداخلة الحزب طيلة حرب التفسّخ والإرهاب كون الأمر كان يتعلّق بالإضافة لحقن دماء الجزائريين والجزائريات والحفاظ على النسيج العائلي والاجتماعي، بإنقاذ الأمة من التفكك والهلاك، بالحفاظ على السيادة الوطنية وحظوظ ولوج نظام ديمقراطي نابع عن الإرادة الشعبية.
إنّ هذه المبادئ هي التي أملَت علينا الكفاح الغير منقطع ضدّ إملاءات الهيئات المالية الدولية التدميرية وضدّ النهب الخارجي بواسطة المديونية الخارجية وضدّ الاوليغارشيا المفترسة منذ نشأتها في منتصف التسعينيات في ظلّ مخطط التصحيح الهيكلي الذي فرضه الأفامي (FMI) والبنك العالمي على بلادنا التي كانت مخنوقة بالمديونية الخارجية، فانتفعت الأوليغارشيا من سياسة الخوصصة ونهب المال العام والملكية الجماعية وغلق 1500 مؤسسة عمومية وتسريح 1مليون و 200000عامل وتعويم الدينار وتعميم اللاتنظيم إثر تخلّي الدولة عن احتكارها للتجارة الخارجية ثمّ كثّفنا محاربة الأوليغارشيا سنة 2014 خاصة حيث أصبحت تهدّد كيان الدولة بعد أن بدأت تستولي على مراكز القرار الاقتصادي وحتى الدبلوماسي والسياسي المؤسساتي. تعلمون كلكم بأنّ كفاحنا ذلك جلب لنا عمليات انتقامية جدّ عنيفة من قِبل السلطة الحاكمة آنذاك ورؤوس الأوليغارشيا على غرار المحاولة الانقلابية التي استهدفت الحزب في 2015 و 2016 وحتى المتابعة القضائية ضدّ شخصي عندما كنت نائبًا سنة 2015 كوني كشفت مع نواب الحزب حالات تعارض المصالح وتبديد ونهب المال العام والعقار العمومي، الصناعي والفلاحي والتلاعب بالصفقات العمومية، وبمناسبة مختلف المواعيد الانتخابية انتقمت نفس مراكز المصالح من حزبنا عبر سرقة أصواتنا ومقاعدنا بأعداد هائلة حتى لا نصبح القوة السياسية الأكثر تأثيراً في المجالس المنتخبة فنعرقل تحقيق أهدافها المافيوية ثمّ في 2019 شنّت الهجمة الشرسة التي استهدفت الحزب من خلال اعتقالي ومحاولة الاستيلاء عليه وتدجينه التي أمرت بها سلطة الأمر الواقع التي فرضت نفسها آنذاك. كان الأمر يتعلّق في 2015 بتجريم العمل البرلماني الصادق والوطني من قِبل حكومة تسلّطت عليها الأوليغارشيا المفترسة لم تكن تعترف بالفصل بين السلطات. لذا، الدهشة التي أثارتها إدانتي مؤخراً مشروعة خاصة أنّ المسؤولين والأوليغارشيين الذين كشفنا انحرافاتهم يا إمّا في السحن في إطار ملفات فساد أو في حالة فرار في الخارج. فعلاً الجميع كان ينتظر تبرئتي من تهمة القذف وأن تأمر النيابة بفتح تحقيق حيث سلّمنا كل الأدلة والإثباتات التي تؤكّد صحة تصريحاتي بصفتي نائب آنذاك كنت أمارس صلاحياتي ومهامي الرقابية حول تسيير المال العام والصفقات العمومية من قِبل الحكومة، وكنت أتمتّع بالحصانة البرلمانية.
نحن استأنفنا في الحكم ولازلنا بانتظار أن تتحرّك العدالة لفتح تحقيق حول حالة التنافي وتبديد المال العام، حيث ينصّ الدستور على أنّ الجريمة الاقتصادية غير قابلة للتقادم.
رغم الحقرة التي طالتنا في مختلف المراحل، حصيلتنا حافلة بالانتصارات فبغض النظر عن التضحيات التي قدّمناها ولازلنا نقدّمها نحن جدّ فخورين بإنجازاتنا وبقدراتنا المقاومتية، وإنّما إعادة بناء الحزب المتواصل بعد إطلاق سراحي في فبراير 2020 ورفع الحجر المسمى بالصحي، بمناسبة التحضير لانعقاد مؤتمرنا الثامن الذي توفّرت فيه كل مقاييس النجاح وإلى يومنا هذا وبوتيرة متزايدة إنّما هي لدليل آخر على أنّ حزبنا اكتسب امتدادات وجذور عميقة داخل المجتمع الجزائري خاصة الفئات العمالية الشبانية والشعبية الواسعة . لقد زرعنا أفكاراً تقدمية تحررية وتصدّرنا نضالات في مختلف المجالات وانتزعنا انتصارات في الشّقين الاقتصادي والاجتماعي وساهمنا في تحقيق مكاسب سياسية ديمقراطية بدءاً بدسترة تمازيغت لغة وطنية ثمّ رسمية ثانية ..ممّا يجعل تدريسها إجبارياً بصفة آلية.
نحن حزب دولاني ومنذ تأسيس حزبنا شاركنا في نضالات عمالية شعبية دولية دفاعًا عن حقوق العمال والشعوب والأمم في إطار الوفاق الدولي للعمال والشعوب الذي تأسّس في جانفي 1991 ضدّ الحرب والاستغلال عشية العدوان الثلاثيني على العراق.
ولقد رفعنا بقوة في بلدنا وعلى المستوى الدولي صوت الشعب الفلسطيني المكافح من أجل استعادة حقوقه التاريخية بدءًا بكامل أرضه التاريخية وحق عودة اللاجئين لديارهم ضدّ الاحتلال الصهيوني العنصري الإجرامي الارهابي، ضدّ قرار التجزئة الأممي الغير شرعي والغير مسبوق سنة 1947، ضدّ خيانات الأنظمة العربية والتكالب الامبريالي على القضية الفلسطينية. ونجدّد اليوم التزامنا بنصرة القضية الفلسطينية حتى النصر الكامل ونقف إجلالاً وإكباراً أمام شجاعة وكفاحية الشعب الفلسطيني.
ولقد نظّمنا داخل الوطن نشاطات وندوات عالمية دولية ضدّ الحرب والاستغلال من أجل حق الشعوب في تقرير مصيرها، دفاعًا عن تكامل الأمم، ضدّ التدخلات الأجنبية التفكيكية على غرار الندوة البرلمانية سنة 2006 لنصرة النساء الفلسطينيات في مدينة الناصرة المحتلة، ثمّ الندوة العالمية المفتوحة في 2010 والندوة العالمية المفتوحة في 2018 ضدّ الحرب والاستغلال و قبلها مؤتمر الطوارئ ضدّ الحروب التفكيكية والتدخلات الخارجية بعد العدوان على ليبيا في نهاية 2011. واليوم أيضًا نحن نجدّد رفضنا للحروب الامبريالية التفكيكية، حروب النهب الخارجي بالوكالة وبالتالي نعرب عن معارضتنا للحرب في أوكرانيا التي تريد الامبريالية الأمريكية تعميمها بينما عواقبها كارثية على الشعبين الأوكراني والروسي وكافة الشعوب الأوروبية المُستنزفة كونها تُجبَر على دفع فاتورة الحرب على حساب الحاجيات الاجتماعية الأساسية خاصة، وإسقاطاتها وخيمة اقتصاديًا واجتماعيًا على كل شعوب المعمورة. نحن نتأسّف كون الإغلاق الإعلامي والسياسي لا يسمح بفتح النقاش حول هذه المسألة المصيرية بالنسبة للبشرية خاصة أنّ الدولة الجزائرية تقاوم تغاريد جنيات البحر أي ضغوطات ودعاية الامبريالية وأبواقها أي الاعلام الموالي لها والمحرضين على الحرب.
نحن نضمّ صوتنا للأصوات المتصاعدة الشعبية منها والرسمية في أوروبا خاصة والعالم عموماً للمطالبة بوقف إطلاق النار لإرجاع السلام بالطرق السياسية.
إنّ حزب العمال اشتراكي تؤكّد أزمة النظام الرأسمالي القاتلة صحة انتمائنا الإيديولوجي فالهمجية لم تعد زاحفة بل أصبحت وتيرتها جدّ متسارعة ويتّجه انتشارها نحو العالمية، يشهد على ذلك تزايد عدد الحروب التفكيكية وتفشّي المجاعة والأوبئة والانفجار المهول لمأساة المهاجرين واللاجئين الفارّين من الحروب وأو البؤس والحرمان جرّاء نهب ثروات الشعوب من قِبل رأس المال الدولي وفرضه سياسات وحشية على العمال والشعوب لضمان المزيد من الربح.
نحن نصطفّ بجانب العمال والشعوب الرافضة لطغيان النظام الرأسمالي الامبريالي المدافعة عن مكاسب الحضارة البشرية وعليه حزبنا مدافع لدود عن الأمة، عن سيادتها، عن استقلالها، عن دولتها التي هي ركن أساسي في وجودها وذلك بغض النظر عن موقفنا من طبيعة النظام السياسي ومنظومة الحكم أو من السياسات الحكومية. إنّ موقفنا هذا مبدئّي غير قابل للنقاش لأنّه ناتج عن طبيعة حزبنا.
وفي هذا الإطار، من حيث حزب العمال يحترم التعددية الحزبية وهو متمسّك بها ويدافع عنها وفي احترام البرامج المختلفة هو يشارك في نقاشات مع قوى سياسية التي تسعى من أجل إيجاد حلول جزائرية حصريًا للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكونه حزب عمالي، حزب العمال يقدّم المساعدة والدعم لنضالات العمال والمتقاعدين والطلبة والبطالين والفلاحين والتجار الصغار والعمال المستقلين والحرفيين أي الأغلبية المشكّلة من المُستغلين والمُضطهدين ويناهض حزب العمال ويتصدّى لكل التقهقرات الحمّالة للضيق والانسدادات القاتلة والمعاناة والقهر.
بصفتنا حزب مستقل حدّدنا أولوياتنا المتمثّلة في النضال من أجل تحسين ظروف معيشة الأغلبية أي تحسين القدرة الشرائية عبر إرساء السلّم المتحرك للرواتب والمنح أي ربطها بالأسعار وتسقيف أسعار المواد الأساسية عبر تعميم الدواوين وفتح مساحات تجارية عمومية ورفع الأجر الأدنى المضمون والنقطة الاستدلالية لاستدراك التقهقر المهول للقدرة الشرائية، حيث الزيادات الأخيرة في رواتب أجراء الوظيف العمومي والمتقاعدين ومنحة البطالة ضاع مفعولها قبل أن تصل إلى جيوب المنتفعين منها بسبب الارتفاع الغير متحكّم فيه للأسعار.
نحن نجدّد أنّ الإجراءات التي نقترحها كفيلة بالتحكّم في التضخم القاتل وبإعطاء دفع لعجلة الإنتاج بواسطة تقوية الاستهلاك، بالإضافة لتوفير مناصب شغل قارة للشباب والبطالين بصفة عامة، كما نواصل النضال من أجل الانفتاح السياسي الديمقراطي، تلطيف المناخ السياسي عبر إجراءات سياسية تعيد الشروط العادية لممارسة الحقوق السياسية.
منذ تأسيس حزبنا الدفاع عن السيادة الوطنية وتكامل بلادنا مسألة مركزية ودائمة ولقد تصدّينا لكل محاولات تدويل أزمة العشرية السوداء وبمناسبة مختلف الإنتخابات الرئاسية واليوم أيضاً نرفض كل أشكال التدخل في شؤون بلادنا الداخلية، فالشعب الجزائري هو وحده المُؤهّل لاتخاذ مواقف من السياسات العمومية ومنظومة الحكم.
لهذا السبب بالذات نحن نناضل من أجل التعجيل بالحلول للمشاكل المتراكمة التي تُغرق الأغلبية في الضيق.
ففي هذا العالم المُتغوّل لا يمكننا الاعتماد على أي دعم خارجي مثلما تشهد على ذلك المناورات العسكرية الأخيرة المسمّاة أسد الصحراء التي شاركت فيها جيوش كل من الولايات المتحدة ، البرازيل وبريطانيا وإيطاليا وقطر وغانا والسنغال وتونس والمغرب ولأول مرّة جيش الكيان الصهيوني. هذا التطور النوعي لدليل آخر قاطع أنّ بلدنا محاصرة ولا يجب أن نتّكّل سوى على قدرتنا على الصمود ممّا يشترط تقوية مناعتنا الداخلية.
وفيما يخصّنا كحزب سياسي، توسيع قاعدتنا النضالية لتقوية مداخلتنا السياسية يوفّر أداة سياسية تساهم في تمتين عناصر المقاومة الشعبية والتأهّب لكل احتمال.
فليحيا الاستقلال الوطني بكل مكاسبه وإنجازاته
وليحيا حزب العمال