في تصنيف جديد لحرية الصحافة.. الجزائر تتدحرج إلى المركز 136 عالمياً
تدحرجت الجزائر في تصنيف منظمة مراسلون بلا حدد لحرية الصحافة هذه السنة بدرجتين من 134 عالميا العام الماضي إلى 136 عالميا هذه السنة من مجموع 180 دولة. مع إذ الإشارة لوجود صحفي واحد معتقل في البلاد.
وذكر تقرير المنظمة، التي تعنى بحرية الصحافة والتعبير في العالم، أن حرية الصحافة في الجزائر “تواجه العديد من الخطوط الحمراء”، حيث أن “مجرد الإشارة إلى الفساد أو قمع المظاهرات من شأنه يكلف الصحفيين التهديدات والاعتقالات”.
كما أبرز أنه “لم يسبق للساحة الإعلامية الجزائرية أن شهدت مثل هذا التدهور، حيث باتت وسائل الإعلام المستقلة تتعرض للضغوط باستمرار ويُسجن الصحفيون أو يحاكَمون بانتظام، ناهيك عن إجراءات الحجب التي تطال العديد من المواقع الإلكترونية”.
وبحسب التقرير، تتصدر القنوات التلفزيونية الخاصة، مثل النهار والشروق والبلاد، تصنيف وسائل الإعلام الأكثر شعبية في البلاد، بينما تُعتبر الوطن وليبرتي قبل غلقها أكثر المنابر جدية ومصداقية على مستوى الصحافة المكتوبة، في حين أن موقعي ” كل شيء عن الجزائر” (TSA) وأنترلين يتصدران المشهد الإخباري الإلكتروني.
وعن المناخ السياسي، فقالت المنظمة أنه يتسم بالتوتر الشديد لا سيما منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون في ديسمبر2019. إذ قال التقرير أن الصحفيون ووسائل الإعلام يتعرضون “لضغوط” عديدة، خاصة من “رئاسة الجمهورية والأحزاب والأجهزة الأمنية والسلطات المحلية” ما يصعب جداً على المراسلين القيام بعملهم بطريقة حرة ومستقلة عندما يكون للسلطة السياسية تأثير مباشر على تعيين وإقالة مديري وسائل الإعلام والهيئات التنظيمية للقطاع”.
وبخصوص الإطار القانوني، أشار التقرير إلى أن التشريعي الجزائري يميل إلى تقييد العمل الصحفي أكثر فأكثر. فإذا كانت المادة 54 من الدستور تكفل حرية الصحافة، فإنها تفرض أيضاً على وسائل الإعلام احترام “ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية”، مما يهدد حرية الصحفيين بشكل صريح، حسب مراسلون بلا حدود.
أما قانون العقوبات، الذي تم تعديله في عام 2020، فقد أصبح ينص، وفق التقرير، على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وثلاث سنوات في حق “كل من ينشر أو يروج عمدًا بأي وسيلة أخبارًا أو معلومات كاذبة ومغرضة من شأنها المساس بالأمن والنظام العموميين. ويُستخدم هذا النص بانتظام لملاحقة الصحفيين والحكم عليهم، مما يؤدي إلى سياق تنتشر فيه الرقابة والرقابة الذاتية على نطاق واسع.
وعن قانون الصحافة الجديد (الصادر عام 2023) قالت المنظمة أنه جاء ليعزز إطار عمل الصحفيين ويضيف عقوبات جديدة ويحظر على وسائل الإعلام الجزائرية الاستفادة من أي تمويل أو مساعدة مالية مباشرة أو غير مباشرة من أي جهة أجنبية تحت طائلة غرامات باهظة.
وبخصوص السياق الاقتصادي، أشار التقرير إلى أنه يعاني القطاع الخاص منذ عام 2019، حيث اضطرت عدة منابر إعلامية وقنوات تلفزيونية إلى التوقف عن النشر أو البث، في ظل غياب عائدات مالية من سوق الإعلانات، علماً أن الإعانات الحكومية تُمنح فقط لوسائل الإعلام العمومية أو المنابر الخاصة المقربة من النظام.
وقد أثار كذلك التقرير اختلف البيئة الاجتماعية والثقافية للصحفيين في شمال البلاد إلى جنوبها. مشيراً إلى أنه في المدن الواقعة في المناطق الداخلية من البلاد تتمتع الهيئات المحلية والوالي والدوائر الدينية بسلطة كبيرة تتيح فرض رقابة على الصحفيين. كما أن النزعة المحافظة – اجتماعياً ودينياً – لها وزن كبير في البلاد، حيث يصعب على الصحفيين إثارة المواضيع المتعلقة بالجنس أو الدين.
ام عن الوضع الأمني فقالت مراسلون بلا حدود أن هناك تزايد في التهديدات وأساليب الترهيب في حق الصحفيين باستمرار، في ظل غياب تام لآلية من شأنها أن توفر لهم الحماية اللازمة. وفي هذا السياق، يواجه الصحفيون الذين ينتقدون السلطات خطر الاحتجاز التعسفي أو التجسس أو التنصت على مكالماتهم الهاتفية. أما الصحفيون المستقلون أو المقربون من الحراك الشعبي، الذي انطلق في فبراير 2019، فقد تطالهم التهديدات عبر الإنترنت وحملات الكراهية من “الذباب الإلكتروني”، وهو عبارة عن جيش من الحسابات المجهولة المقربة من النظام.