بعد عام من تعليق “أجورهم”.. إدارة جريدة الوطن تشرع في صب مستحقات عمالها وصحافيها

شرعت إدارة جريدة الوطن الأحد في “صب أجور عمالها وصحفيها العالقة منذ مارس 2022″، ما دفعهم للدخول في إضراب عن العمل منذ جويلية 2022.
ويأتي الشروع في صب المستحقات المالية للصحفيين والعمال في هذه الصحيفة الفرنكوفونية العالقة منذ نحو عام، بعد “رفع التجميد عن حساباتها البنكية من طرف مديرية الضرائب”، حسب ما صرحت به مصادر مطلعة.
كما استفادت مؤخرا الجريدة من “عقد مع الوكالة الوطنية للنشر والإشهار”، ما سيسمح لها على الحصول على مداخيل. وهي التي تعاني من ضائقة مالية أدخلتها في “شبه حالة إفلاس منذ عدة أشهر”.
وذكرت الجريدة في مقال لها قبل أشهر، أن الاتفاقية التي وقعتها مع الوكالة الوطنية للنشر والإشهار “ستسمح لها بالحصول على تمويل وحل الأزمة التي تجمعها مع مصالح الضرائب والتي تسبب في تجميد حساباتها منذ أشهر”.
ويأتي الانفراج هذا في الأزمة التي تعاني منها الصحيفة الناطقة بالفرنسية رقم واحد في الجزائر عشية معاجلة القضاء للمرة الثالثة لمشكل الإضراب المستمر للعمال الصحفيين بسبب عدم تلقي الأجور منذ نحو 12 شهرا.
إذ عمدت إدارة جريدة “الوطن”، لرفع دعوى قضائية جديدة هي الثالثة، ضد نقابة المؤسسة لكسر الإضراب المستمر منذ جويلية 2022، بعد أن خسرت قضيتين سابقتين اتهمت فيها العمال بالقيام بإضراب غير شرعي، في حين جاء الحكم لصالح العمال. وينتظر أن يفصل القضاء في القضية الجديدة يوم 8 مارس المقبل.
وكانت محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، قد رفضت في منتصف جانفي الماضي، للمرة الثانية على التوالي، دعوى قضائية رفعتها إدارة جريدة الوطن الفرنكوفونية، لكسر الإضراب المتواصل للصحفيين والعمال، مع الحكم بإلزام إدارة الجريدة، باعتبارها المدعي، بدفع التكاليف القانونية للقضية.
كما أعلن الفرع النقابي لعمال وصحافيو يومية الوطن، في أكتوبر المنصرم، أن القضاء فصل في القضية المستعجلة التي رفعتها إدارة المؤسسة، أمام القسم الاجتماعي بمحكمة سيدي محمد بالجزائر العاصمة، لصالح المكتب النقابي.
وتعاني صحيفة الوطن من مشاكل مالية كبيرة، فبحسب موقع “توالى” الإخباري، فإن ”الصحيفة مدينة بإجمالي 45 مليون دينار إلى مصرف القرض الشعبي الجزائري و55 مليون دينار ضرائب“.
وقال صحفياً يشتغل بجريدة الوطن منذ 15 سنة، لمنظمة مراسلون بلا حدود، ”أن الموظفين ولاسيما الصحفيون لم يحصلوا على رواتبهم منذ مارس الماضي”. ويعود السبب إلى “تجميد حسابات الصحيفة لدى أحد البنوك، وهو بنك القرض الشعبي الجزائري، لعدم دفع مستحقات الديون“.
فيما ينظر مجلس إدارة شركة المساهمة المالكة للصحيفة أن ”الأمور تعود إلى عوامل خارجية عن إرادتها، وأنها تعمل منذ شهور على التوصل إلى حلول مع سلطات الضرائب والمصرف الرئيسي للشركة، ومصرف القرض الشعبي الجزائري، التي جمّدت كافة حساباتها المالية”. كما أنها ”ناشدت في العديد من المرات السلطات العامة بدون جدوى“.
وتتلقى صحيفة الوطن منذ سنوات ”تهديدات بالغلق“ تحدث عنه “وزراء في الحكومة“ بسبب ”ميل خطها لنهج المعارضة التقدمية، وانتقادها الجريء للحكومة“. ولم تتمكن حتى اليوم من الانتقال إلى مقرها الجديد الذي تم بناؤه خصيصاً لها نتيجة عقبات وضعتها السلطات المحلية. كما لا تزال عرضة لمقاطعة الوكالة الوطنية للنشر والإعلان، وهي الهيئة العامة التي توزع الإعلانات على الصحافة الوطنية.
وقال بهذا الخصوص خالد درارني، ممثل منظمة مراسلون بلا حدود في شمال أفريقيا: أن ”اختفاء صحيفة الوطن سيكون بمثابة انتكاسة للصحافة الجزائرية لا يمكن تجنبه. يوجد حل لهذا الأمر في حال أظهرت كافة الأطراف المعنية في الأزمة حسن نية. قتل الصحافة المهنية لن يعود على الجزائر بأية فائدة. يجب التعامل مع صحيفة الوطن كأي شركة تواجه مصاعب ويتوجب إفساح المجال أمامها لإعادة جدولة ديونها“.
وترى منظمة مراسلون بلا حدود، إلى أن ”معظم مفاتيح حل الأزمة تبقى بيد السلطات الجزائرية“. إذ عليها ”أولاً إيقاف التلاعب بآليات تخصيص الإعلانات بناء على أهداف سياسية“، ومن ثم عليها ”معاملة صحيفة ”الوطن” كأية شركة متعثرة، وتسمح لها بالتفاوض على إعادة جدولة ديونها“. وإلا ”ستكون الحكومة مسؤولة عن المساهمة في اختفاء صحيفة أخرى، وجعل صحافييها عاطلين عن العمل“.