وسائل إعلام تونس تتهم الجزائر “بالتضييق على العائلات التونسية في المعابر”.. هل هي بادرة أزمة دبلوماسية بين البلدين؟
خرجت وسائل إعلام تونسية اليوم بتقارير تتحدث عن شروع السلطات الجزائرية في حملة تضييق ضد العائلات التونسية الراغبة في العبور إلى الجزائر من خلال المعابر الحدودية بين البلدين، وكذا السيارات الخاصة والحافلات المنظمة للرحلات.
ونقلت إذاعة موزاييك التونسية عن وجود “عمليات تضييق من الجهات الرسمية الأمنية والجمركية الجزائرية تستهدف العائلات التونسية الحاملة لمواد غذائية في المعابر الحدودية منذ يوم أمس”. وهي العائلات التونسية التي قالت بأنها “تعودت اقتناء الخضر والمواد الغذائية من المدن الحدودية الجزائرية نظرا للارتفاع الجنوني للأسعار في تونس، دون عراقيل تذكر، إذا ما كانت الكميات المقتناة معدة للاستهلاك العائلي”.
وأفاد مراسل موزاييك في القصرين التونسية إلى “تعرضّ مجموعة من العائلات التونسية إلى تضييقات من طرف الجهات الأمنية والجمروكية الجزائرية بالمعابر الحدودية، حيث تم منع العديد من السيارات الخاصة والحافلات من المرور، إضافة إلى تعرض حافلات الرحلات المنظمة إلى تضييقات”.
وأشارت نفس المصادر التونسية إلى عدم تعرض العائلات الجزائرية لأي تضييق من الوحدات الأمنية والديوانية التونسية في حال عبور الحدود لاقتناء ما يلزمها من مواد مختلفة من تونس.
ويحدث هذا في الوقت الذي لم يصدر أي بيان رسمي من السلطات الجزائرية يؤكد أو ينفي ما يتم تداوله على نطق واسع في تونس، خصوصا في هذا الوقت الحساس الذي تشهده العلاقات الدبلوماسية بين محور الجزائر-باريس-تونس، بعد تمكن الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي من الهروب إلى فرنسا مروراً بتونس.
هل هناك أزمة بين الجزائر وتونس تطفوا على الأفق؟
ويأتي ما نقلته وسائل الإعلام التونسية اليوم، مما أسمته “بالتضييق على عبور العائلات التونسية، على السيارات الخاصة، وعلى حافلات الرحلات المنظمة، إلى الجانب الأخير من الحدود بين البلدين، غداة التصريح الذي أدلت به الناشطة السياسية الجزائرية أميرة بوراوي عن دور مهم لعبه الرئيس التونسي نفسه، قيس السعيد، في عملية سفريتها إلى باريس عن طريق مطار قرطاج التونسي، بعدما كانت قاب قوسين من تسليمها إلى السلطات الجزائرية.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه وكالة الأنباء الجزائرية بأن دبلوماسيين ومسؤولين أمنيين فرنسيين تنقلوا إلى تونس وهم من نظموا ووقفوا وراء “إجلاء أميرة بوراوي إلى فرنسا”، إلا أن صحيفة لوموند الفرنسية، نشرت معطيات غير متوقعة، أن “الرئيس التونسي قيس سعيد هو من تدخل عبر تقديم تصريح بالسفر للناشطة والطبيبة الجزائرية أميرة بوراوي لأجل السفر إلى فرنسا”.
وأكدت أميرة بوراوي في وقت لاحق أنها “نُقلت في مرحلة أولى إلى بر الأمان في السفارة الفرنسية بتونس العاصمة، قبل أن تحصل السفارة على تصريح من الرئيس قيس سعيد للسماح لها بالسفر إلى فرنسا بدلاً من تسليمها للجزائر”.
ورغم أن البيانات الرسمية في الجزائر وما تناولته وسائل الإعلام الرسمي أو التي تسبح في فلك السلطة لم توجه أي اتهام كان للسلطات التونسية، إلا أن ما كشفته صحيفة لوموند عن دور لقيس سعيد في العملية قد يدفع السلطات الجزائرية إلى مراجعة علاقاتها مع النظام الحاكم في تونس.
ويحدث هذا في الوقت الذي تسرع قيس سعيد لتدارك “السقطة الدبلوماسية” التي ربما ورط فيها نفسه، لاسيما مع كل الدعم الذي يحظى به من الجزائر، من خلال التضحية بوزير خارجيته، عثمان الجرندي، ماسحا فيه سكين السقطة الدبلوماسية ولإرضاء الحكام في الجزائر، كما يرى الكثير من المراقبون.
يذكر إلى أن الناشطة السياسية والطبيبة أميرة بوراوي، الحاملة للجنسيتين الفرنسية والجزائرية، قد تمكنت الجمعة الماضية من عبور الحدود الجزائرية التونسية بطريقة غير شرعية، وهي الخاضعة لأمر المنع من السفر في الجزائر ومتابعة قضائيا بعدة قضايا رأي. وقد أوقفتها السلطات الأمنية التونسية عندما كانت تحاول السفر عبر طائرة متوجهة إلى فرنسا بجواز سفرها الفرنسي، قبل أن يُفرج عنها قاضٍ يوم الإثنين. لتتمكن في مساء ذلك اليوم من التوجه إلى فرنسا عبر رحلة من تونس إلى مدينة ليون، بعد أن وُضعت “تحت حماية السلطات الفرنسية”.
عقب ذلك، تم بقرار من الرئاسة الجزائرية، مساء الأربعاء، استدعاء السفير الجزائري لدى باريس للتشاور. وجاء في بيان الرئاسة الجزائرية أنه ‘‘امتداداً للمذكرة الرسمية التي احتجت بموجبها الجزائر بشدة على التسلل السري وغير القانوني لمواطن جزائري، يقضي القضاء الجزائري بوجوده الجسدي على التراب الوطني، فقد أمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بمشاورة سفير الجزائر في فرنسا سعيد موسي’’.
وزارة الخارجية الجزائرية هي الأخرى، أدانت العملية الاستخباراتية الفرنسية في مذكرة رسمية للسفارة الفرنسية عبرت فيها عن “إدانة الجزائر الشديدة لانتهاك السيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية”.
وتابعت الخارجية أن هؤلاء “شاركوا في عملية إجلاء سرية وغير قانونية لرعية جزائرية يعتبر تواجدها على التراب الوطني ضروريا بقرار من القضاء الجزائري”.
توتر في العلاقات الفرنسيّة الجزائرية
تنديد الرئاسية الجزائرية، على غرار وزارة الخارجية من المرجح أن يكون، بحسب مراقبين، بداية لتوترات لاحقة في العلاقات الفرنسيّة الجزائرية.
حيث أشارت صحيفة لوبوان في هذا السياق، إلى أن قضية أميرة بوراوي من الممكن أن تكون السبب الرئيسي وراء تعطيل زيارة تبون لباريس في ماي المقبل، وهي زيارة مُرتقبة بشدة من قبل ماكرون خاصة أنها تأتي بعد أكثر من 3 سنوات من الجفاء الدبلوماسي بين الدولتين.